الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الفصل الخامس: ملف الوجدان واضطرابات العواطف (9) تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى”

الفصل الخامس: ملف الوجدان واضطرابات العواطف (9) تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 3-8-2014

السنة السابعة

العدد: 2529

 

 الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الخامس:  ملف الوجدان واضطرابات العواطف (9)

تشارلز داروين “جاب الديب:

من بؤرة وعى إيمانه المعرفى”

(وليس من “ديله”)

ذكرت الأسبوع الماضى فى هامش غير واضح،  كيف أننى: “.. اهتممت بهذه التجارب اهتماما خاصا لأننى كنت قد قمت بتجارب موازية فى ندوة علمية سنة 2005 دون أن أعرف شيئا عن ما قام به داروين فى منزله، وأسماه المحقق الأمين فيريس جبر Ferris Jabr “البحث المنزلى”، ثم وعدت أننى  سوف أعرضها فى الأسابيع التالية، وحين هممت أن أفعل أردت أن أتعرف أكثر على داروين الذى لم أخاصمه أبدا، وإن اختلفت معه حين ظننت أنه تجاوز حق سبق ألفريد راسيل والس، وأيضا حين لم يستوعب اختلافه عن  “لامارك” بما كان يمكن أن يثرى نظريته أكثر.

حين هممت بالوفاء بما وعدت وجدت أنه من الأفضل أن أتعرف على داروين، ليس بحثا عن مدى صحة نظريته التى استلهمها إرنست هيكل Ernenst Haickle (1) وقدم لى، أعنى لنا، القانون الحيوى (=نظرية الاستعادةRecapitulation Theory) التى لها الفضل فى كل فكرى التطورى الذى فسّر لى أغلب ما أمارسه فى الطب النفسى، حتى امتد هذا التفسير إلى الحياة برمتها، كما أوصلنى إلى وضوح رؤية فضْل ربنا ودعوته لنا لحمل الأمانة بحسن توجيه برامج التطور لتستمر الحياة بالحفاظ عليها فى أنفع وأجمل صورها كما خلقها، ودفعها على مدارج الحق إليه.

فرحتُ بهذه الفرصة أنها  جاءت بالصدفة مع إجازة العيد، فانفرج لى وقت سمح لى بأن  أتعرف على داروين آخر، داروين الطالب المجتهد، والدارس المجتهد، والإنسان والمفكر السياسى صاحب العمود اليومى، ثم أن أتعرف عى جوانب أخرى من عظمة تابعه ومريده إرنست هيكل وأمانته في اعترافه، وطريقة اعتذاره التى كانت تأكيدا لحقِّه فيما فعل (2)، ثم أيضا أزيد التعرف على فان جوخ الجميل الطيب المتألم الوحيد الفقير العبقرى الرائع، وأخيرا أتعرف أكثر على إرنست هيكل صاحب الفضل المشار إليه حالا، ياه!! كل هذا العمر وأنا لا أعرف أصحاب الفضل هؤلاء حق المعرفة، أنا آسف، لكن دعونا نقدم عينات لما قمنا به فى “بحثنا المنزلى”، إن صح أن دار المقطم هى دارنا، ونظرا لمحدودية المنتمين إلى فكرها:

3-8-2014_1

فى الندوة التى عقدت فى سنة مارس 2005 قدمت تجربة محاولة تسمية تعبيرات وجه ممثلة قديرة (بدلا من التعبيرات التى قدمها دوشين باستثارة عضلات الوجه والذى لم يخترْ منها داروين إلا أحد عشر تعبيرا) وإليكم بعض ذلك.

الهدف من البحث كان محاولة فحص وتداخل وفضفضة تسمية ما يسمى “العواطف”، وبيان  طبيعة الاختلافات الفردية إزاء هذه المسألة.

ولم تكن العينة مُمَثـِّـلة طبعا، فحضور هذه الندوات هم  جماعة خاصة تقريبا، تحضر بانتظام، بعضها مختار بحكم اهتماماته أو بحكم العادة، وبعضها مضغوط عليه بحكم عمله في المؤسسة التى تقدم الندوات وتقوم بالبحث (دار المقطم)، ولعل هذا هو السبب الذى جعلنى أفرح ببحث داروين المنزلى، لأنه أجرا ه على ضيوفه عشوائيا، ويبدوا أن النتائج لم تكن مهمة بقدر ما كان مهتما باختبار الطريقة، وأظن أن هذا ما خطر ببالى أيضا، وبرغم أننى جمعت النتائج إلا أننى عدلتُ عن نشرها، وتوقفت عند فحص المنهج، والاستفادة من مغزى وجود الاختلاف، بغض النظر عن اتجاه هذا الاختلاف أو مدى الاتفاق على اسم معين لصورة بذاتها تعبـِّرُ عن عاطفة معينة، لأن هذا قد يوجه الانتباه إلى النتائج وليس إلى توضيح أهمية هذا المنهج، وهو مقصدى الآن.

ثم إننى تصورت أننى بعرضى بعض العينات هنا فى النشرة يمكن أن أدعو من شاء من أصدقاء الموقع  أن يساهم بالمشاركة فى الاستجابة، فإذا تجمع عدد أكبر، من الاختلافات الفردية فقد يجوز التعليق، وقد يشجعنى هذا على الرجوع إلى نتائج البحث السابق منذ تسع سنوات والربط بينها (وقد أصر على الحذر والتأجيل)

 وإليكم بعض العينات من الجزء الأول من البحث (الفروق الفردية لتسمية عاطفة مؤلمة)، وعلى كل صورة رقم معين حتى يشار إليه فى ورقة الإجابة بعد ذكر معلومات التعرف على المشارك، وذلك لمن شاء أن ينضم إلى المشاركين الجدد، دون وعد بنشر النتائج أيضا:

عزيزى المشارك – مشكورا–  فى الاستجابة المباشرة (باختيار اسم بذاته) أو المشاركة الحرة، بابتداع ما تشاء لوصف ما ترى:

3-8-2014_2

********

3-8-2014_3

********

3-8-2014_4

********

3-8-2014_5

********

3-8-2014_6

********

3-8-2014_7

********

3-8-2014_8

********

3-8-2014_9

********

3-8-2014_10

********

3-8-2014_11

********

3-8-2014_12

********

أعتقد أن الحيرة التى وقعتَ فيها وأنت تحاول أن تختار بين الأسماء المقترحة ليست أكبر من الحيرة التى غلبتكَ حين رحتَ تبحث عن اسم بديل من أبجدية العواطف التى تعرفها (وهو المطلوب فى التعليمات فى المستطيل إلى يسار كل صورة، وذلك حين  تصورتَ أنك سوف تجد الحل البديل لما بدا فى التعليمات من دعوة إلى  حرية التصرف ودرجة سماح بلا حدود ).

حتى لو لم تصل إلى حل، ولو بصورة تقريبية، ألا تشعر  أنك على يقين أن كل تعبير هو غير التعبير الآخر؟  أى أن كل وجه  يعانى فى كل  صورة معاناة مختلفة، لا يجوز أن ننكرها لمجرد أننا لا نعرف لها اسما يميزها؟

 وإلا فما رأيك؟

الذى فعله داروين لم يكن أكثر من هذا، مع أنه اختار 11 تعبيرا فقط من تعبيرات الوجه التى حصل عليها “دوشين” من استعمال الإثارة الكهربية الطفيفة لعضلات الوجه الصغيرة،

تصور أيها المشارك الطيب أنك اخترت للصورة الحادية عشر هذه لفظ “جزع”  ثم لم يعجبك هذا اللفظ وخفت ألا ينقل إلى أى “آخر” ما وصلك، فانتقلت إلى رحابة العرض الآخر، فاستعملت “حق السماح” وقلت (ثم تشجعت وسجـّلت) أن هذا التعبير على هذا الوجه هكذا يكفى أن يوصف بأنه: “ياه ليه كده ؟!!” أو أنه: “يادى المصيبة السودا، ربنا معاكى” أو استقربت المسألة، واستعملت اللغة المستوردة وقلت أنه ليس إلا: “دِبـْرِشَنْ، آسف Depression””: ثم سجلت ذلك استعدادا للمشاركة، لكنك قبل أن ترسل الرد، تساءلت من جديد: أى التعبيرات أقرب إلى نبض وعيك (لم أقل مشاعرك)؟، وأيها أقدر على نقل ما وصلك إلى “من يهمه الأمر”!؟

هذه هى المشكلة التى تصورت أن السيد داروين العظيم أراد أن يختبرها بعد أن تصور أنه يعرف عواطف الحيوان، وكتب فى ذلك كتابا لم يقتنع به غالبا لأنه كان عن “التعبير عن الانفعال”، وليس عن معايشة الوجدان، أما ما عاشه هو وهو يمارس  قدرته على  “المواجدة” Empathy مع الحيوانات فلم يشر إليه، (فى حدود علمى(.

كل ما سوف اقدمه فى النشرات التالية بشأن ما وصلنى من داروين هو للتأكيد على المنهج الذى حاولت تقديمه من نشرتين، والذى يبين كيف أن الباحث، حتى فى عواطف الحيوانات، وفى تاريخ التطور، هو أساس البحث وحقله.

برغم الصعوبة فإن المستوى الذى قدّمته فى هذه النشرة هو مستوى سهل نسبيا إذا ما قورن بالمستويات الأخرى التى سمحتْ لى بها إجازة العيد، والتى قد أحاول تقديمها إذا ما وصلنى ما يشجعنى، وأكتفى الآن بتعداد بعض عناوينها فيما يلى:

1- محاولة تسمية عاطفة أخرى مصورة (بالكاميرا) أيضا: مثل عاطفة البهجة أو التعاطف..إلخ (عكس ما قدمنا اليوم).

2- محاولة تسمية عاطفة مرسومة، رسمها مبدع تشكيلى (فان جوخ أو غيره) استطاع أن يغوص إلى ما وراء الوعى الظاهر.

3- محاولة تسمية عاطفة رُسمت بخطوط متواضعة “كليب آرت، أو كاريكاتير”، لكنها تحمل ما تحمل مما سوف نراه معا.

4- محاولة تسمية صور لعواطف أطفال فى مختلف المواقف والعلاقات، وقد حضرنى أكثر قربا إلى المواجدة مع عواطف وانفعالات الحيوانات، مع التذكرة بأن عواطف الأطفال وعامة الناس كانت من مصادر داروين التى لم يلتفت إليها أحد، اللهم إلا ما جاء فى موسوعة “ويكبيديا” (3)

5-  محاولة تسمية صور متنوعة للثلاثى الشقى سوسو ولولو وتوتو (مجلة ميكى).

6-  محاولة تسمية عواطف حيوانات مصوَّرة.

7-  محاولة تسمية عواطف حيوانات مرسومة.

8-  محاولة تسمية عوطف حيوانات تخطيطية او كاريكاتيرية (كليب آرت).

وبعد

كل ذلك كان، وسيكون، اجتهادا لتوصيل أن إشكالة العواطف لا تحل بمجرد تصنيفها وتسميتها، ولا بتصوير تعبيرا وجه أو جسد متفق عليها، ولكن لها آليات إدراكية، وحدسية، وموضوعية، وإيمانية أخرآ، أدعو الله أن يفقنى إلى بيان بعض ذلك.

لست متأكدا إلى متى يمكن أن تصبروا علىّ ونحن نعجز أمام كل هذه المستويات الواحد تلو الآخر، نعجز أن نسميها، لكننا نعايشها ونحترمها وهى تصل إلينا، وفى نفس الوقت ينبرى أغلب الممارسون للطب النفسى، لوصف بعضنا بعضا بأسماءٍ لعلها أبعد ما تكون عن الجارى، ناهيك عن القيام بأبحاث ممولة وغير ممولة، يفرح بها الفرحون، ولها استعمالات أخرى.

دعونا نجرّب، فعندنا فرصة أكبر بكثير مما أتيحت لشارلز داروين العظيم الذى تصور أنه قد “جاء بالذئب من ذيله” (جاب الديب من ديله)، وفعلا فإن نظرية “أصل الأنواع” هى اكتشاف هام رائع مفيد، يقربنا إلى فهم الطبيعة البشرية فى حركتها الرائعة إلى وجه الحق سبحانه وتعالى، وبرغم أن “جاب الديب فعلا” ، إلا أن الفرض الذى أقدمه اليوم – وكل عيد فطر وأنتم بشر بخير – يفترض أنه جاء بالذئب من بؤرة وعيه وإيمانه! (4) (من حدسه وصدقه المتصل بأصل هذا الكون وخالقه ودافع تطوره ومحمِّلنا أمانته).

وإلى الغد، وما بعد الغد، فى محاولات  الاقتراب من  الطبيعة الحيوية فى تجليات برامجها الإدراكية فى الحيوان والإنسان من خلال  التشكيلات القادرة، لنحترم روعة الإبداع بكل تجلياته: العلمية، والتشكيلية، والتقريبية، والإيمانية، كدحا إلى وجه الحق تعالى، إيمانا واحتسابا ومعرفة وتقوى.

[1]- إرنست هيكل (أو إرنست هاينرش فيليب أوغوست هيكل)  كان فيلسوفا وعالم أحياء ألماني. قام باكتشاف الآلاف من أنواع الكائنات الحية.ومكتشف علم البيئة· قام بتقديم نظريات تشارلز داروين في ألمانيا و طور نظرية حول أصل الإنسان.، كما أنه صاحب نرية الاستعادة :Recapitulation Theory = Biogenic law   الأنتوجينيا (تاريخ تطور الفرد) تكرر الفيلوجينيا، التى نالت من التقد والرفض ما نالت:  ولد فى ى: ١٦ فبراير، ١٨٣٤، بوتسدام، ألمانيان وتوفى فى ٩ أغسطس، ١٩١٩، ينا، ألمانيا.

[2] – مما سأعود له لاحقا

[3] – واستغل (داروين) كل الفرص لسؤال علماء الحيوان وأصحاب الخبرة بشكل غير مألوف, حتى أنه كان يسأل أصحاب الخبرة العملية مثل: المزارعين ومربو الحمام مع مرور الوقت كان قد جمع معلومات من أقاربه، الأطفال، وكبير خدم العائلة ،والجيران..إلخ ، ولعل هذا ما شجعنى على الاطمئنان إلى  ما أحصل عليه من المترددين على قصر العينى للعلاج الجمعى 

[4] – وسوف أعود إلى إيمانه لاحقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *