الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (20) Biorhythmic Psychiatry النظرية التطورية الإيقاعية (15) علاقة الإيقاعحيوى بفرض “الحالات المتناوبة” (2)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (20) Biorhythmic Psychiatry النظرية التطورية الإيقاعية (15) علاقة الإيقاعحيوى بفرض “الحالات المتناوبة” (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 15-3-2016(1)

السنة التاسعة

 العدد: 3119 

 

 الطبنفسى الإيقاعحيوى (20)

Biorhythmic Psychiatry

النظرية التطورية‏ ‏الإيقاعية (15)

علاقة الإيقاعحيوى بفرض “الحالات المتناوبة” (2)

مقدمة

إن تقديم هذه “الحالات المتناوبة” بهذه الصورة التفصيلية يبدو وكأنه تفرقة واضحة المعالم بينها وبين بعضها، حتى أن الأمر تطور بى لوصف معظم الوظائف النفسية واختلاف نوعها وحضورها فى جداول مقارنة بين الحالات الخمس طوال تقديمى لهذه الحالات من منظور مستويات الصحة النفسية، راجع نشرات: (2-11-2010) و(22-6-2011) و(29-6-2011) و(3-1-2012) إلا أنه بعد تطور قبول فرض الإيقاعحيوى كأساس تطورى وغائى لحركية النبض الحيوى تبين لى أن هذه المقارنات لا يصح أن تؤخذ إلا باعتبارها تكبيرا هائلا حتى نستطيع أن نتعامل معها فى التربية والوقاية والعلاج، لكن واقع الحال من منظور الإيقاعحيوى يلزمنا بأن نقبل هذه التفرقةبالتكبير للتوضيح لا أكثر، وأن يحل محل التفاصيل الواردة فيها: قبول فكرة التناوب مهما اختلفت الوحدة الزمنية التى تتم فيها من ثوان (أثناء النوم والحلم وبدايات تشكيل الإبداع خاصة) إلى شهور وسنين على مسار رصد مراحل النمو أو متابعة تطور المرض أو أثناء تطبيقها لتصحيح انحرافاتها أو توقيفها أو إجهاضها، وذلك بالعلاج من منظور النمو والتطور .

وسوف أقوم بإعادة نشر نموذجين يظهران نوع اختلاف حضور الوظائف النفسية فى الحالات الخمس وهما نموذجـَىْ الإرادة والإدراك.

****

15-3-2016

15-3-2016_2

الفرض بعد التعديل: من منطلق الإيقاعحيوى:

وقد تعدّل فرض الحالات المتناوبة أساسا لوضع عامل تناهى قصر الزمن فى بعض النبضات، وذلك بعد تداخل فرض الإيقاعحيوى فى طرح إمكانية التناوب بين هذه الحالات فى زمن بالغ القصر، وأرى أن أطرح بعض هذا التعديل، ثم ننطلق إلى معالم التطبيق تمهيدا لبدء عرض الأمراض النفسية من منظور الطبنفسى الإيقاعحيوى(2)، فقد طال الانتظار.

تمهيد:

بدأت محاولة الربط بين فرض تناوب حالات الوجود وفروض الإيقاعحيوى فى فصل الصحة النفسية بتعديل الفرض على الوجه التالى:

الصحة النفسية، (وأفضِّل البدء فى تسميتها هنا على الأقل “كفاءة الوجود البشرى”) هى ناتج  انتظام فاعلية الإيقاعحيوى بالتناوب الإيقاعى بين حالات الوجود الثلاثة : “حالة العادية”، و”حالة الجنون (اللاجنون)”، و”حالة الإبداع”، (بالتعريف المتضمن فى الفرض الأصلى) دون التوقف عند أى منها باعتبار أنها تمثل الصحة دون سواها، لأن فى ذلك إلغاء لحركية الإيقاعحيوى، وهى محاولة مستحيلة النجاح طالما الإنسان مازال حيا، وربما بعد الموت أيضا، فكل ما يمكن أن ينال الإيقاعحيوى هو إنكاره برغم استمرار نبضه، وإلغاء آثاره الإيجابية، الأمر الذى قد يؤدى إلى التراكم، فالانحراف بأى من هذه الحالات فتنضم وتحل محل الأخريتين بصفة دائمة، أو ربما تفقد طريقها على مسار النمو والتطور والإبداع، بمختلف أساليب التفسخ أو التشوه، فهو المرض.

 هكذا نستبعد من الصحة النفسية  الاضطراب الذى سمّى مؤخرا “فرط العادية(3) ومكافئاته من أنواع اضطراب الشخصية، وكذلك نستبعد  المآل السلبى المسمى “الجنون” الذى يعلن فشل “حالة التفكيك” أن تتطور إلى حالة الإبداع، أو تتراجع إلى حالة العادية ولو مؤقتا، فيتمادى التفسخ أو التناثر أو الانفجار أو الشطح فيما يسمى “الجنون” – مرضا – بكل تشكيلاته التصنيفية المعروفة. (4)

علاقة تناوب حالات الوجود بالإيقاعحيوى:

إن قبول القياس المتمادى لنظرية الاستعادة (القانون الحيوى) حتى وصلنا إلى احتمال أن الميكروجينى، وهو أقصر دورات الاستعادة، يتم فى ثوان أو أجزاء من الثانية، إن مثل هذا القبول يمكن أن يفتح آفاقا هائلة من التفاؤل والمسئولية معا، ذلك أن معنى ذلك هو أن ثمة فرصة دائمة متكررة لإبداع الذات من جهة لتستمر كما خلقها بارئها، وأيضا لتصحيح مسارها إذا انحرف بها المرض أو تجمدت فى اضطراب شخصية أو كليهما، فإطلاق خطواتها التى أعاقها المرض أو الاغتراب، أو كليهما وارد دائما، طالما الإيقاعحيوى مستمر، أى طالما الحياة مستمرة (وبعدها).

سبق أن أشرنا أنه مادامت المسيرة تُسْتعاد، فإنه يمكن أن “يصلح الدهر ما أفسد الدهر” (نشرة 1-3-2016 ) بمعنى أن فرصة تصحيح المسار تكون أرحب وأقدر فى أزمة نمو تالية إذا ما كان المسار قد انحرف فى أزمة نمو سابقة، إلا أننا الآن – بتبنى دوام حركية الإيقاعحيوى – نواجه احتمالا أرحب وعداً، وأكثر تفاؤلا، بأن هذه الفرصة واردة دائمة ما دام الإيقاعحيوى مستمرا طول الوقت ليلا ونهارا.

هذه الفرصة تتدعم بالإنجازات العلمية(5) الأحدث فالأحدث التى أظهرت وأثبتت كيف أن المخ (والجسد وسائر الوجود) يعيد بناء نفسه باستمرار، إن هذا المنطلق برغم عدم ارتباط أصوله بالإيقاعحيوى بالتحديد وأيضا بنظرية الاستعادة، يمكن أن يحول النشاط التربوى إلى سبل أكثر دفعا للتطور، وأكثر فاعلية فى الوقاية وأعمق نتائجا فى العلاج .

مادام الإيقاعحيوى مستمر، ومادام المخ يعيد بناء نفسه باستمرار باستمرار فإن كل ما علينا هو محاولة التعرف على كيف يتم ذلك كما خلقه الله، ثم علينا أن نهيىء الفرصة تلو الفرصة للحفاظ على دوام فعل الإيقاعحيوى فى الإسهام فى مهمة المخ وهو يعيد بناء نفسه.

هكذا يتراجع دور التدخل الإقحامى والاختزالى فى عمليات التربية والوقاية من جهة، لأنه لا يؤدى إلا إلى تهميش مستويات عديدة من المخ لحساب مستويات طاغية متمادية فى التكاثر والانفصال بالاغتراب، وتصبح مهمتنا الأساسية هى مواكبة الإيقاعحيوى بأقل قدر من التدخل الأعمى رغم –أو بسبب- ارتدائه منظار المنشور، وهو هو التدخل المتحيز للمخ الأحدث المنفصل عن كلية الوعى، المهمة الأساسية لمواجهة ذلك هو أن نواصل العناية بتوفير متطلبات كل مستوى من مستويات الوعى بحقه فى التنشيط والقبول والتناغم، ثم السماح بالتناوب المواكب مع هذه المستويات فى برامج التربية والوقاية والعلاج طول الوقت، وذلك بالوسائل العلاجية المتكاملة عبر المشاركة الإبداعية للوعى البينشخصى والوعى الجمعى.

يترتب على ذلك أن تؤخذ كل معلومة، وأداة، ومادة علمية (وكذلك الملاحظات الإمبريقية العملية) فى الاعتبار بالبحث عن موضعها وماهيتها فى هذه المهمة، ونحن نتعلم ذلك من المشاركة بالوعى البينشخصى الممتد للإسهام فى مسايرة إيقاع المخ وهو يعيد بناء نفسه بفضل خالقه إليه، وما نحن إلا عوامل مساعدة، وكذا بأن نحسن توقيت كل ذلك حتى يمكن أن ندعم كفاءة الإيقاعحيوى وهو يواصل عمليا دوام الاستعادة البناءة الإبداعية: من بضع ثانية إلى أقصى مدى من السنين وما بعدها .

تطبيقات محتملة:

بالنسبة للتربية والوقاية: فقد سبق أن بينّا الاجتهادات التى يمكن لهذه النظرية أن تساهم فى دعمها، “وذلك تحت عنوان “كيفية مواجهة أسباب اختلال مسار الإيقاعحيوى، ” نشرة الأحد رقم 3110 ، بتاريخ: 6-3-2016، وقد  انتهت هذه التوصيات بفقرة توصى بالتوجية إلى “الاهتمام بالمراحل المفترقية” مؤكدين على أهمية التشخيص المبكر  تبعا لافتراض “أن المرض النفسى الموروث، حتى لو تدعم بتربية خاصة تزيد من احتمال الاستهداف له، هو أساسا ليس مرضا وراثيا، ولكنه استعداد نشط لمستوى معين من الوعى يمكن أن يتم تفعيله مرضا فى الظروف السيئة، كما يمكن أن يتجلى فى فرصة نمو أو إبداع إذا قبلنا حضوره كجزء من الكل الواحد المتواصل النمو، وأتحنا فرص إطلاق مستويات المخ معا جدلا نمائيا فتطورا.

ومن نفس المنطلق فإنه بتبنِّى هذا المنظور يمكن أن نأمل فى احتمال تحريك المآل السلبى (الجنون المستقر سلبا) إلى “حالة الجنون النشطة” القابلة لإعادة التشكيل وأيضا احتمال الإحاطة بالظهور الخطر الانفجارى للجنون والتدرج به إلى “حالة الجنون دون جنون”، بمساعدة العقاقير التى ينبغى أن تُعطى بجرعات وتوقيت مواكب، حتى تناسب ما يصلنا من النشاطات النسبية لمستويات الوعى عبر نبضات الإيقاعحيوى فى المرض (نحو الصحة)، ويتم ذلك عادة بمحاولة، استعادة حالة “التفكيك المفترقى” بديلا عن الجنون، ومن ثم العودة إلى تحقيق الصحة النفسية بانتظام الإيقاع وليس بمجرد التسكين الدائم الذى يهدد بالتمادى إلى فرط العادية، أو التراكم حتى التفجُّرات لاحقا (النكسة)، ثم احتمال الانزلاق إلى مسار الجنون فالتفسخ فالضمور. (وكل ذلك سوف نعود إليه تفصيلا)

وبعد

أشعر أنه قد آن الأوان لبداية عملية فى عرض الأمراض النفسية واحدا واحدا(6)

وقد خطر لى أن يكون المدخل المناسب هو طبعة جديدة من كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى”، ربما مدعما من كتابى الذى لم ينشر إلا فى موقعى الخاص إلكترونيا، وهو عن “الإمراضية الوصفية” شرح ديوان “أغوار النفس” مع عرض حالات من واقع الواقع والتركيز فيها على الإمراضية من منطلق الطبنفسى الإيقاعحيوى.

دعونا نأمل أن نبدأ الأسبوع القادم فى تقسيم الأمراض النفسية من منطلق الطبنفسى الإيقاعحيوى.

[1] – يبدو أن الثلاثاء الحر قد تمادى فى استعمال حريته فاختار اليوم أن يرجعنا إلى التمادى فى تقديم أربع نشرات متتالية عن الطبنفسى الإيقاعحيوى، ولم أستطع أن أحول دون استعماله حريته.

[2] – Growth Oriented Therapy

[3] – Hypernormality

[4] – ملحوظة هامة : كل ذلك باستثناء حالات المرض العضوى الناتج عن تلف أو إصابة أو ضمور خلايا المخ مباشرة وهو ما نفينا أننا سنتناوله فى هذا الكتاب.

[5] – John C. Eccles: “The Brain That Changes Itself” Stories of Personal Triumph from the Frontiers of Brain science” Edited by: Norman Doidge , M.D. Copyright: 2007

–  Antonio Damasio: “The Feeling of What Happens” Body and Emotion in the Making of Consciousness: T. S. ELIOT “Dry Salvages. Copyright: 1999

[6] – من جديد: فيما عدا الحالات الناتجة عن تلف تشريحى بيولوجى وهى المسماه بالحالات العضوية العقلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *