الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (120) من موقف الحجاب

حوار مع مولانا النفّرى (120) من موقف الحجاب

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 21-2-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2731

 حوار مع مولانا النفّرى (120)   

من موقف الحجاب

وقال مولانا النفرى أنه:

وقال لى: ليس من عرفنى منك كمن لم يعرفنى.

وقال لى: استعذ بى من شر ما يعرفنى منك.

وقال لى: كلك يعرفنى وليس كلك يجحدنى.

فقلت لمولانا:

أنت تعرف يا مولانا أننى أتجنب أن أدخِل علمى فى قراءتى لك، كما أنك تعرف أننى لا أقوم بتفسير ما قاله لك، فلا أنا أهل لذلك، ولا أنا أحب ذلك، ولا أنا أجرؤ على ذلك، وبرغم هذا فقد جاء ما وصلنى اليوم من هذا المقطع من موقف الحجاب مَا يُوَثِّقُ ما أنا فيه فى هذه المرحلة من اجتهاداتى وخبرتى، فاعذرنى اليوم إذا أنا عرجت إلى بعض ما أعايشه الآن من معارف دعَّمَتْهَا هذه الفقرة، أو على الأقل ما استلهمته منها.

أبدأ بالتأكيد على كلمتين أرجو أن ينتبه لهما القارئ إن لم يلتقطهما هو وحده، من كلماته إليك.

الأولى: أنه قال لك: “منك” ولم يقل “منكم”                (ليس من عرفنى “منك” كمن لم يعرفنى)

والثانية: أنه قال لك “كلك” ولم يقل “كلكم”                (كلك يعرفنى وليس “كلك” يجحدنى)

وقد حرك ذلك فىّ ما أعايشه حاليا، وأواصل النظر فيه والبحث عنه ووضع الفروض حوله، ثم إعادة النظر فى كل ذلك ونقده، وهو أننى (أن أى واحد منا) هو “كثير”، هذا واقع يعيشه الأمّى العادى كما يعيشه العالم المتفتح، ولكن ينكره أغلبية العلماء الذين يمارسون العلم الذى ضده الجهل، وهم هم الذين ينفرون من الجهل ولا يعرفون أنه علم آخر، حتى أننى مارست التجريب فى لعبة مع متطوعين عاديين أسوياء لدعم هذا الفرض فى لعبة عنوانها “أنا واحد ولاّ كتير..”وأتت لى بنتائج دعمت كل ممارستى فى مهنتى بعيدا عن سجن المنهج الخانق الذى علمتَنَا – يا مولانا – كيف نحذره ولا نغفله.

بدءًا من هنا لن أتكلم عن نفسى أو خبرتى فلا أنا ملم بكل ابعادها ولا أنا واثق من عمق مصداقيتها، لذلك سوف أتكلم بلسان محور فروضى وهو الإنسان الكادح إليه نبضا متواصلا.

حين أجتمعُ بى – بنا – كلى – كلنا – ولو جزء من الثانية أعرفه،

 وحين أتفرق، يعرفه بعضى وينكره بعضى، ويهرب الباقون،

 ومن يعرفه – منى – ليس هو هو دائما هو،

 أما من لا يعرفه – فىّ – أو ينكره فهو أعجز من أن يظل فى موقفه،

 ذلك أنه لو أنكره كل من يجحده لاستحالت الحياة، فالخلايا – بيولوجيا – لا تحيا إلا به،

 وبالتالى أعود فيصلنى السطر الأول أوضح حتى يصبح بديهية فعلا،

 فليس من عَرَفَهُ – منّى – ويعرفُهُ مثل من لم يعرفه.

ليس من عرفنى منك كمن لم يعرفنى

لكن يظل الباب مفتوحا لمن لم يعرفه – منّى – أن يعرفه بالتناوب الإيقاعى الحيوى، ويظل من عرفه معرض للوسواس الذى يؤدى فى النهاية إليه حتى لو مرّ بمراحل الاهتزاز والخطر.

ثم إنه يا مولانا عاد ينبهك إلى أن الذى عرفه ليس هو الأفضل أو الأقرب، وأنه لو استسلم لما عرفه وظن أنه عرفه، وسكن فى ذلك حتى استغنى عن الكدح لاحتواء الوسواس، توقفت حركته حتى ظهر شره، وهنا وجبت الاستعاذة من شره، وليس منه (1)، وألاحظ أنه لم يقل لك استعذ بى من شر من لا يعرفنى، كما يتوقع المتعِّجل، بل من شر من يعرفنى فافترضتُ – كما ذكرت حالا – أن من لم يعرفه سوف يظل يسعى ويسعى: فهو الأقرب بفضل حركته، أما من عرفه واستقر واستكان وتوقف مكتفيا بما تصوره معرفته، فهو كما ذكرنا من هنا وصلنى قوله فى السطر الثانى:

استعذ بى من شر من يعرفنى

وأضفت من عندى: “من شر من يعرفنى منك” باعتبار أنه مازال يخاطب كل ما هو أنا، وهو يقصد هنا الجزء (الوعى) الذى عرفه أو الذى تصور أنه عرفه فسكن إلى معرفته الساكنة.

ثم إنه بلغنى – انطلاقا من فروضى – أنه فى اللحظات، أجزاء الثوانى أو أجزاء من الألف من الثوانى التى يجتمع فيها معا من يعرفه ومن لا يعرفه فيما أسماه “كلك”

 فإنه يعرفه ولو لهذه المدة القصيرة جدا، يعرفه حتى يستحيل عليه إنكاره كما جاء فى قوله لك:

كلك يعرفنى وليس كلك يجحدنى

وهو ما قرّب لى احتمال صحة فرضى عن “استحالة الإلحاد” خاصة فى حالة كونى كلىِّ، كلنا، أنا.

وبعد

أعرف أننى أغمضت حتى ابتعدت، ولا أريد أن أفسر أكثر، فقط أنبه إلى أننى أشير بالكثرة إلى مستويات وعى بلا حد، ولا أشير فقط إلى ما سمى “حالات الذات” ولا “تعدد العقول وأنواعها” ولا مثل ذلك، وأننى لا أريد شرحا أكثر ولا أستطيعه.

وأخيرا لا أريد – ولا أتصور ولا أتوقع – من أحد أن “يفهم” ما قصدت إليه، ولكن  فى نفس الوقت أدعو  له ألا يرفض ما يصله رغما عنه، فقط يسمح لكل مستويات الوعى أن تتلقى ما تيسر مما احتوته محاولتى فى رحابك يا مولانا وبفضله.

[1] – هذا أقرب إلى ما أشرت إليه سابقا وأنا أؤكد أنه سبحانه أمرنا أن نستعيذ من شر الوسواس وليس من الوسواس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *