الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الفصل الرابع: اضطرابات الوظائف المعرفية‏ الأخرى (6) : ماهية الذكاء: وإشكالات القياس (2 الجزء الأول)

الفصل الرابع: اضطرابات الوظائف المعرفية‏ الأخرى (6) : ماهية الذكاء: وإشكالات القياس (2 الجزء الأول)

نشرة “الإنسان والتطور”

 الاثنين: 9-6-2014

السنة السابعة

العدد: 2474  

 

  الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الرابع: اضطرابات الوظائف المعرفية‏ الأخرى (6) 

ماهية الذكاء: وإشكالات القياس  (2 الجزء الأول)

………..

المعلم: إن حكايتى مع الاختبارات النفسية عموما، وليس اختبارات الذكاء فحسب، تستأهل التسجيل ،فلى  معها قصة طويلة وهامة.

الطالب: هاتها ولا تضايق نفسك، فقد عرفتك خلال هذه الرحلة، لن أستطيع أن أحول دونك والحديث عن نفسك وما تعتقد، هاتها وخلصنا.

…….

المعلم : الله يسامحك، لن أحكيها، ويمكنك أن ترجع لها فى الطبعة الأولى

الطالب: أنا آسف، ولكنى سمعت أن قياس الذكاء هو اختصاص الاخصائى النفسى وليس الطبيب فما هو دورالطبيب فى ذلك ؟

المعلم: حقيقة إن القياس النفسى من اختصاص الزملاء السيكولوجيين ولكنى أفضل – ما أمكن – أن يعرف كل طبيب كيفية تطبيق كل اختبار يطلبه، بل ويا حبذا لو طبقه على نفسه، وأيضا لو طبقه بنفسه ولو مرة واحدة، وأن يعرف حدود معطيات القياس الذى طلبه (1)، وأن يأخذ النتائج باعتبار أنها نتائج اختبار بذاته لفرد بذاته ويقرأها ضمن ما عنده من معلومات إكلينيكية أخرى، من مصادر أخرى، وبمناهج أخرى، وعليه بعد كل ذلك أن يضع هذه النتيجة فى مكانها المتواضع، يكمل بها ما يريد الإلمام به، وإن تعارضت مع فرضه الأول الذى ذهب يبحث عنه بواسطة القياس فعليه ألا يرفضها، وألا يقبلها، ولكن أن يعيد فحص ظروف إجرائها، وأن يستعين بإعادة الفحص للتأكد من فرضه الأصلى، أو يعيد القياس، أو يطلب قياسا إضافيا جديدا يحدد الموقف، …وهكذا

الطالب: لقد عقّدت علىّ المسألة تماما، وأنا كنت أحسب أنى أريد اختبار ذكائى بنفس الطريقة التى أقف بها على الميزان لتخرج لى ورقة مطبوعة فيها سهم يشير إلى وزنى.

المعلم:أعتقد أن هذا هو الخطأ الأساسى فى تناول هذه المقاييس، وفى البلاد المتحضرة (المحترمة) يستحيل أن يحصل أى شخص غير مختص “هكذا” على اختبار للذكاء أو للشخصية

9-6-2014_1

الطالب: إلى هذه الدرجة يبلغ التعقيد؟

المعلم: تعقيد ماذا؟ هذه هى القواعد لا التعقيد، وهذا هو التنظيم والمسئولية.

الطالب: ولكن قل لى، هل نتائج اختبارات الذكاء تقاس بوحدات معروفة ومتفق عليها، مثل وحدات القياس فى المسائل الفيزيقية يعنى الجرام والسنتيمتر وما إلى ذلك.

المعلم: سؤال وجيه وإن كانت صياغته سخيفة إلا إذا اعتبرتك تمزح، المهم توجد معايير فعلا لاختبارات الذكاء وغير الذكاء، وكل اختبار يستعمل المعايير التى تتفق مع طريقة إعداده وطبيعة ما يقيس، وسوف أعدد لك بعض المعايير الخاصة بقياس الذكاء:

1- معامل الذكاء Intelligent quotion (I,Q.)، وهذا أشهر معايير اختبارات الذكاء، وإن كان يعتبر حاليا من أقلها فائدة من الناحية التطبيقية، وهو يعتمد على فكرة أن لكل سن درجة معينة من الذكاء تظهر من خلال النجاح فى اجتياز عدد معين من الاختبارات، ويسمى هذا السن “العمر العقلى” وهو السن الذى يحدده عدد النتائج الناجحة فى اختبار ذكاء بذاته حسب الجداول والمعايير الموضوعة لهذا الاختبار.

الطالب: ولكن كيف يضعون هذه المعايير، وكيف يحسبون هذه الحسبة.

المعلم: هذه مسألة معقدة تختلف فى كل اختبار عن الآخر، وعموما فإنها تبدأ بمعرفة السن الأساسى أو التقدير الأساسى Basic score  والذى يعنى السن الذى اجتاز فيه الشخص مثلا (المختبر – المريض … الخ) المطلوب من اختبارات هذه السن وكل ما دونها، ثم يضاف إلى هذا السن الأساسى تقديرات إضافية Added score (credit) حسب عدد الاختبارات التى اجتازها فى كل سن، ويحسب هذا بالإضافة إلى ذاك باعتباره العمر العقلى وذلك بعد أن يترجم إلى سنين وشهور طبعا.

الطالب: وهل نظل نعطى الاختبارات حتى لو أخفق المختبر منذ البداية.

المعلم: عادة ما تتوقف مواصلة إكمال الاختبارات متى ما أخفق المخْتَبَرُ فى كل الاختبارات فى سنتين متتاليتين.

الطالب: هذه النتيجة هى العمر العقلى، فماذا نفعل به إذا ما حصلنا عليه.

المعلم: هناك معادلة تقول إن معامل الذكاء (2) = العمر العقلى ÷ العمر الزمنى × 100

الطالب: فكيف نحصل على العمر الزمنى؟

المعلم: هو العمر الموجود فى شهادة الميلاد، على شرط ألا يزيد عن 16 عاما، (فى أغلب الاختبارات) أى بحد أقصى 16 عاما، يعنى لو أن هناك فردا عمره 25 سنة أو 32 سنة أو غير ذلك، فكلهم يعتبرون أن عمرهم الزمنى 16 سنة.

الطالب: ولماذا لا يزيد عن 16 سنة؟

المعلم: لأن نمو الذكاء عادة ما يتوقف عند السادسة عشر فى الأحوال العادية، وهناك من يقول الثامنة عشر.

الطالب: نمو الذكاء يتوقف، ما هذا ؟

المعلم: وماذا فى ذلك؟

الطالب: تحاول أن تقول لى أن ذكاء ابن السادسة عشر مثل ذكاء ابن الخامسة والثلاثين.

المعلم: لاتنس أننا نعنى بالذكاء المقومات الأساسية للقدرات، لا الخبرة ولا كم المعلومات، مثل النجار الذى يحتاج لعمله إلى ستة عشر قطعة من العدة، يحصل عليها قطعة كل عام،و بعد ست عشرة عاما لا يستطيع أن يحصل على أكثر من ذلك، فلا يوجد أكثر من ذلك، ولكنه يستطيع طول عمره أن يتقن استعمالها أكثر فأكثر.

الطالب: فهمت… تقريبا ولكن.

المعلم: (مقاطعا) ولكنى أنا الذى أحذرك، ذلك أن معامل الذكاء يصاغ فى شكل نسبة مئوية كما لاحظت من المعادلة، إلا أن متوسطى الذكاء (جدا) نصيبهم 100% (90 ــ 110%) ونحن تعودنا أن هذه هى غاية المراد من رب العباد، مع ان أى طفل يستطيع أن يدخل المدرسة الإعدادى (دون غش) قد يكون ذكاؤه 100% وطلبة الجامعة عادة ما يكون معامل ذكائهم حوالى 110% فما فوق، وطلبة الطب والهندسة مثلا (باعتبار نسبة الثانوية العامة) يكون معامل ذكائهم أكثر من ذلك، وهذه هى النسب العادية فاحذر أن تستعمل كذا فى المائة وكأنها مجموع فى امتحان او مجموع مكتب التنسيق (3).

9-6-2014_2

الطالب: صدقت، ولكن ألا توجد وسيلة أخرى للمعايير ما دامت هذه الوسيلة هكذا “أحمدى”.

المعلم: لا تفسد العلم بتعليقاتك الساخرة، هى وسيلة سليمة فى حدودها لا أكثر ولا أقل، وعموما فهناك معايير تسمى “المعيار المئينى” (4) Percentile score وهو يحاول تجنب هذه الأرقام الخادعة، ويشير مباشرة إلى موقع أى شخص مختبر فى مجتمعه، بمعنى أنه يشير إلى موقع الشخص الفلانى! هل هو من أعلى فئات مجتمعه، أم من أوسطها، أم من أدناها (بالنسبة لقدرة بذاتها).

الطالب: هل معنى ذلك أننا سنقيس قدرات كل أفراد المجتمع ثم نضعهم فى مدرجات تصاعدية ثم نرى فى أى فصل يقع المختبر؟.

المعلم: لا ياسيدى، ولكنا نأخذ عينة “ممثلة” لهذا المجتمع من مائة فرد أو مضاعفاتها، ونعرف مايقابله نتيجة الشخص المختبر على اختابر بذاته (الدرجة الخام: أى درجة الاختبار مباشرة كما هى دون تحويل) = ثم نرى هذه النتيجة من خلال ما يقابلها من نتيجة أى فرد من هذه العينة المائة الممثلة، ونعرف بالتالى موقع هذا الفرد فى هذه المجموعة التى تمثل مجتمعه، وبالتالى نعرف ترتيبه النسبى وسط كل مجتمعه.

الطالب: لست فاهما تماما.

المعلم: مثلا إذا قلتَ إن “التقدير المئينى” لشخص ما هو 80 (لاحظ أننا لا نقول 80 % فالمئينى غير النسبة المئوية) فإنك تعنى أنه حصل على درجة خام تضعه فى الموقع الذى يشير إلى أنه فى مستوى أعلى ثمانين فردا من المائة الممثلة، وهكذا.

الطالب: يعنى التقدير المئينى أقرب إلى الترتيب فى الفصل، وتقدير معامل الذكاء أقرب إلى نسبة الدرجات (المجموع %) بغض النظر عن الترتيب.

المعلم: تقريبا، الله ينورعليك.

الطالب: معقول، ولكن ألا يوجد ما هو أضمن وأدق من هذا وذاك.

المعلم: يوجد، ويسمى الدرجة المعيارية Standard score وهى طريقة وجدت إحصائيا وحسابيا أنها أقرب إلى الدقة، تظهـِر موقع الفرد فى المجموع، وانحرافه عن المتوسط، وهى تترجم إلى جداول تسهل التطبيق.

الطالب: وكيف ذلك.

المعلم: لا .. لن أذكر لك التفاصيل، وإن كنت ساشير إليها فى الهامش، ولكن فكرتها هى الحصول على المتوسط (بقسمة المجموع على عدد الأفراد)، ثم معرفة انحراف كل فرد من العينة عن هذا المتوسط، ثم جمع هذه الانحرافات على بعضها (دون النظر هل هى أعلى أم أنقص: + أم -) وبقسمتها على عدد أفراد المجموعة نحصل على متوسط الانحرافات، وقد وجد الحسابيون والإحصائيون أنه  يستحسن ان يُرَبَّع كل انحراف فردى قبل الجمع والقسمة، ثم يؤخذ الجذر التربيعى للحاصل، وبهذا نحصل على ما نسميه “الانحراف المعيارى”، فإذا نسبت نتيجة انحراف درجات الاختبار الخام إلى هذا الانحراف المعيارى، فإنه يحصل على الدرجة المعيارية: أى “كذا” انحراف معيارى بدلا من “كذا” درجة (5).

الطالب: أعتقد أن هذا يكفى وزيادة لأنه يبدو أننا قلبناها جبرا وهندسة والعياذ بالله.

المعلم: بصراحة إن ما يهمنى فى كل هذه الزحمة هو ان تعرف حدودك، وحدود هذه الاختبارات، التى للأسف يمكن أن  تغرى بأرقامها وبريقها المشتغلين بفرعنا، حتى تعفيهم من مسئولية المعاناة والتفكير والمحاولة والتدقيق، ويعتمدون عليها، ويستغنون عما سواها وهذا خطأ كبير كما سبق أن نبهتك

الطالب: ولكن يخيل إلى أن لهذه الاختبارات  فوائد أخرى غير التطبيقات الطبية.

المعلم: طبعا، لقد ازدحم حوارنا اليوم بالمعادلات والمصطلحات، فدعنا نواصل حديثنا الأسبوع القادم عن الشروط والمحاذير وما شئت مما تتطرق إليه إسئلتك بذكائك الذى لا يحتاج إلى قياس..

(البقية الأسبوع القادم).

[1] Psychological testing should be handled as a special elaborate technique. It has to be taken as the mutual resultant of a cooperative effort between the consulting and the consultant The particular problem identified, the point of investigation clarified, the result limited and put in its proper place within its objective size. Further investigations could be recommended as a result of the interaction between the original hypothesis and the first given datum. Psychological tests should not be easily handled by the layman.

[2]   Intelligence Quotation (I.Q>) = Mental age  ÷ Chronological age x 100 (‏(Maximum : 16 Year)

Where mental age refers to the scores obtained on a certain intelligence test as provided in certain tables, while chronological age is the actual age (since birth up to a maximum of 16). However I.Q. score does not refer to the relative position of the individual in his representative group (society) and is, thus, least fit for adults.

[3] – وأحيانا أشفق على أمهات بعض من نقيس لهم ذكاء أبنائهم ويقال لهن إن ذكاءه 75% فيفرحن لأن ابن خالته دخل كلية كذا بهذه السنة!! لذلك لزم الحذر فى طريقة استعمال هذه الأرقام والنسب دون توضيح.

[4] Percentile score gives the relative position of an individual among his society as represented by a representative sample usually of .100

[5] The standard score is designed to translate the raw scores into how many standard deviations. To have the standard deviation one obtains:

First (1) the average: sum of scores  ÷ Number of individuals

then (2) the individual deviation = Average – Individual score

then (3) the standard deviation = Sum of (Individual deviation)2  ÷Number of individuals

Ultimately (4) standard score  = Raw deviation from the average ÷  standard deviation

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *