الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: قصة جديدة مصر بخير!!

الأربعاء الحر: قصة جديدة مصر بخير!!

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 18-5-2016

السنة التاسعة

 العدد: 3183

 

الأربعاء الحر:

                     قصة جديدة

مصر بخير!!

أقسَمَ خمس عشرة  مرة أن هذه المرة لن تكون مثل كل مرة، لماذا خمس عشرة مرة  لا أكثر ولا أقل؟ لأنها هكذا فقط، وهو ليس مطالبا بأن يقدم أسبابا، لكنه متأكد أنه لو زادت أو نقصت مرات القسم عن ذلك فلن يكون كذلك،

 دخلت ابنته الصغرى، أقرب إلى النحافة، التى لم تُفْسد أنوثتها، ولم يعرف إن كانت تسير نحوه أم تقفز

قالت البنت: وهى تصيح  فرحا: “بارِك لى يا أبى”

قال بدون تردد: ألف مبروك ، هكذا أنت ابنتى بحق وحقيقى،

 قالت: لم تسألنى تبارك لى على ماذا ؟

قال: يكفى تعبير وجهك، الفرحة نادرة هذه الأيام

قالت: لست فاهمة .

قال: هذه الفرحة المشرقة إذا أطلّت هكذا فهى الخير والبركة.

قالت: عندك حق، لابد أن تُدرج الفرحة ضمن حقوق الإنسان الحقيقى

قال: هل هم يعيدون النظر هذه الأيام فى التمييز بين الإنسان الحقيقى والذى ليس حقيقيا؟

قالت: طبعا على شرط

قال: على شرط ماذا؟

قالت: لا أعرف

قال: من أين أتيت بهذا الكلام الآن؟

قالت: كنت صغيرة وكبرت، وأنتم تقولون أن الأطفال لا يفهمون،

قال: من قال ذلك؟

قالت: أمى

قال: طيب وأنا مالى؟

 قالت: انت يا والدى، الأسبوع الماضى، لم تصدق أننى أتممت الرابعة عشرة

قال: كم؟!!

قالت: الرابعة عشر

قال: تبدين لى أصغر من سنك دائما

قالت: أنا لا أقبل عن سنى بديلا

قال: خلاص، مبروك

قالت: مبروك على ماذا؟

 قال: على أنكِ فى مثك سنك

قالت: أنا كنت أقول لك بارك لي على أمر أهم

قال: خيرا، اللهم اجعله خيرا

قالت: بارك لى أننى اكتشفت أن ربنا يحبنى

قال: هذا هو الكلام!!  أنا  لا أبارك لك فقط، بل أحسدك

قالت: لماذا لا تجعله ، يحبك أنت أيضا  يا أبي؟

قال: ومن قال لك أنه لا يحبنى؟

قالت: يبدو أنه لا يحب الكبار الأغبياء

قال: ماذا ؟! ما هذا؟! ماذا تقولين يا بنت أنت؟

قالت: أنا آسفه لا أقصدك طبعا يا أبى.

قال: فمن تقصدين ؟

قالت: أقصد أنه لا يحب الكبار لأنهم أغبياء

قال: مالك اليوم  يا بنت؟ ماذا تقولين؟ من قال لك هذا؟

قالت: أنا قلته لنفسى بعد ما عرفت..

قال: عرفت ماذا؟

قالت: ما قلتـًهُ لك .

*****

دخلت الجارة مندفعة دون أن تطرق الباب، ويبدو أن الباب كان غير محكم الاغلاق، واتجهت إلى المطبخ مباشرة وهى تكاد تعدو، ولم تنتبه للأب وابنته، ثم عادت مسرعة وخرجت،  وقبل أن تغادر: التفتت إليهما وهى تقول:

– أنا آسفة

ثم استدارت وقالت وهى تغلق الباب: وحياة النبى لا تنسوا أن تغقلوا الشبابيك، الشياط  يملأ الشارع.

نظر الأب لابنته متعجبا فنظرت إليه، وضحكت، وقالت وهى تشير إلى الباب:

– هى هكذا على طول يا أبى

قال: هكذا ماذا؟

قالت: هكذا فقط

قال: مالك اليوم يا حبيبتى، تتكلمين بالألغاز

قالت: ألغاز ماذا؟ هل هو لغز أن أكتشف أن ربنا يحبنى؟

 قال الأب: يعنى!!

قالت: هل تشك فى هذا يا أبى؟

قال: أشك فى ماذا؟

قالت: فى أنه يحبنى

قال: ولماذا أشك؟

قالت: …. لأنه لا يحبك

قال: تكررينها ثانية؟ ماذا تقولين يا ابنتى؟

قالت: سامحنى يا أبى

قال:  لا يوجد حل آخر

قالت: حل ماذا ؟

قال: حل لما نحن فيه

قالت: نحنُ مـَنْ؟

قال: نحنُ مصر

قالت: مـنْ ..!!؟

خرجت الأم من المطبخ ملهوفة وهى تقول

– ماذا؟ فيه ماذا؟

قال الأب: ولا حاجة،

قالت الأم: هذه المرأة المهووسة، مالها؟

قال الأب: انت الأدرى ، أليست صاحبتك، هل كان عندك حاجة شايطة فى المطبخ

قالت الأم:  نعم

قال الأب: ماذا؟

قالت الأم: مخ هذه المرأة المجنونة هو الذى شاط

قالت البنت فجأة: ممكن افتح التليفزيون يا أبى

قال الأب: طبعا ممكن

قالت الأم: لأ “مش” ممكن

قالت البنت: طيب انا اسمع كلام من فيكما

قالت المذيعة: “والآن اليكم الأنباء بالتفصيل”

أسرعت الأم إلى “الريموت” وأغلقت التليفزيون.

قال الأب: هذه هى الديكتاتورية بعينها

قالت الأم: تحب أقول لك أخبار الشهر القادم

قال: انا عارفها

قالت الأم: إذن فلماذا وجع الدماغ

قالت البنت: خلاص رجعت فى كلامى، كفى شجارا، ملعون أبوه

قالت الأم: أبو مَنْ يا بنت؟

قالت البنت: أبو التليفزيون

قالت الأم: اهتمى يا حبيبتى بشىء أهم

قالت البنت: مثل ماذا؟

قال الأب: لم يعد شيئا مهما

قالت البنت: ما هذا يا أبى ؟!!  طيب،… ومصر؟

قال الأب: مصر !؟! مصر مالها بهذا كله ؟

قالت الأم: سلامتها ، أم الدنيا

قال الأب: ما الذى جرى اليوم فى هذا البيت؟

اهتز المنزل حتى تقلقلت كراسى  السفرة ووقعت الأكواب من المنضدة وتكسر أحد الأطباق

قال الأب: لطفك يارب

قالت الأم: زلزال هذا أم ماذا؟

قالت البنت: يا أبى قل لى ما معنى ” وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا”

قال الأب: أنا إيش عرفنى؟ هل هذا وقته؟

قالت البنت: ألم تشعر يا أبى بما جرى؟ هى “أثقالها” تعنى ماذا؟

قال الأب: أثقال ماذا؟

قالت البنت: الأرض

قال: أية أرض ؟

قالت البنت: أرض مصر،  أخرجت أثقالها من أين؟ إلى أين؟

قال: أنا مالى…!

*****

دار مفتاح فى الباب ودخل الأخ يقفز وهو يكاد يرقص، ثم جلس مبتهجا وهو يقول:

– الحمد لله

قالت الأم: تحمده على ماذا يا حبيبى، بشِّرْنا

قال: الحمد لله: مصر بخير

قالت أخته لأبيها: ألم أقل لك؟

قال الأب: وهل أنا أنكرت؟!

قالت الأم: نعم أنكرت

قال الأب للأم: أنت لم تكونى معنا

قالت الأم: لكنى أعرفك

قال الأخ مقاطعا: والله العظيم بخير

قالت الأم: ربنا يبشـَّرك بالخير يا ابنى

قال الأب: من أين يأتي الخير؟

قال الأخ: هذا هو

قال الوالد: هو ماذا؟

قال الأخ: هو هذا.

قال الاب: هذا ماذا؟

قال الأخ: هو  “هذا”.. ، حتى اسأل أختى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *