الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف‏ ‏التفكير‏ (28) : أسئلة عن “الوعى” وعلاقته بالوظائف المعرفية الأخرى

ملف‏ ‏التفكير‏ (28) : أسئلة عن “الوعى” وعلاقته بالوظائف المعرفية الأخرى

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 5-5-2014

السنة السابعة

العدد:  2440

الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الثالث: ملف‏ ‏التفكير‏ (28)

اضطرابات التفكير

أسئلة عن “الوعى” وعلاقته بالوظائف المعرفية الأخرى

مقدمة واعتذار جديد

نظرا لوصول هذا الخطاب الكريم من الجزائر، من أ.د. طارق سمير لكحل، وكان قد وصلنى عبر “شعن” (الشبكة العربية للعلوم النفسية)، وأجلت الرد لأعده بطريقة تليق بسائله الفاضل، فقد وجدت أنها فرصة للإشارة إلى مفهوم الوعى الذى اشرنا إلى أنه كامن وراء الشعور بالذنب وتشكيلات التعامل معه على مختلف المسارات، إلى متنوع المصائر.

السائل الفاضل، كما سترون، يسأل عن “الوعى”، وهو كموضوع فى كتاب “الأساس فى الطب النفسى” مستقل تقريبا، ولا يندرج تحديدا تحت الوظائف المعرفية، وكنت قد ضمنته فى المسودة الأولى فى باب أسميته “الوظائف الوسادية”،لكننى وأنا أتناول ملف الإدراك انتبهت إلى ورود ذكره كثيرا، وأيضا انتبهت أثناء قراءتى لمواقف مولانا النفرى إلى أنه يجرنا إلى مناطق الوعى جرا دون تحديده بالاسم، وحين تطرق الحديث عن الضلالات كأهم اضطرابات محتوى التفكير، ووجدنا أنفسنا فى محيط الشعور بالذنب (قبل ان ندخل تفصيلا فى ضلالات الإثم وفعل التـأثيم) انتبهت إلى أن هذا الشعور بالذنب لا يكون كذلك إلا إذا ظهر كمحتوى محدد لخلل التفكير، أما الوعى به والانطلاق منه، ومسارات التعامل معه، (كما جاء فى النشرات الأخيرة) فهى قابعة  وفاعلة فى ما أسميناه “أزمة الفصل<=> الوصل”، التى أوصلتنا إلى “جدل الوصل<=> الفصل” أمس.

وكنت قد وعدت أمس بعد أن أشرق لى فرض كامل عن حركية النمو البشرى وطبيعة الفطرة، واختلال التناغم، وخطوط إعادة تنظيمه، كنت قد وعدت بالتوقف والعودة إلى اختلالات محتوى التفكير استكمالا لضلالات الإثم (والشعور بالذنب)، إلا أننى أستأذنكم أن أرد على الزميل الفاضل ولو بإشارات محدودة، ربما أضاءت لنا بعض معالم ما نحن بصدده من عمق مستويات الوعى التى يتم فيها الانفصال عن الوعى الكلى …إلخ، ثم نعود إلى الضلالات بأنواعها.

الرسالة  (من أ/ د. طارق سمير لكحل –  جامعة باتنة الجزائر)

لا بد لنا ان نشكر الله أولا على ما أنعم به عليكم من نظر، ثم يا ليتكم سيدى المحترم التفضل بجواب بعض ما يحيرنا مشكورين مسبقا.

أنا الذى أشكركم على جميل تقديركم، وحسن ظنكم، كما أشكر من أتاح لنا هذه الفرصة،  وهى الشبكة العربية “شعن” وعلى رأسها الإبن والزميل والصديق رئيس الشبكة أ.د. جمال التركى، وأنا تحت أمرك فى حدود – كما يقول العرب- “جُهد المقِلّ، وبلاغة الحصِر”، أهلا بكم.

1) هل للوعي وعاء و حامل يحمله؟  إن كان فما هو؟

قلت حالا فى المقدمة أننى وضعت “الوعى” فى المسودة الأولى لهذا الكتاب مع ما أسميته “الوظائف الوسادية” وكنت أعنى بذلك أن الوظائف الأخرى، تنغرس فى الوعى، أو تمثل الشكل فى حين يمثل الوعى الأرضية، لكن مع تنامى خبرتى، واطلاعى تبينت أن المسألة ليست كذلك تماما، فالفصل بين المحتوى والمضمون لم يعد مقبولا، ولا فى النقد الأدبى (الذى أمارسه، وأتعلم منه حتى أسميت علاج الامراض النفسية : نقد النص البشرى) أقول إن الفصل بين المحتوى والمضمون غيرجائز إلا لتسهيل الشرح، وكذلك فإنى حين بدأت أستقبل حركية الإيقاع الحيوى على كل المستويات، وبرامج الدخول والخروج النمائية، والإيقاعية، وجدل النمو الكثيف التداخل والتعقيد، تراجعت عن اعتبار الوعى وسادا لغيره، فهو جزء فاعل متفاعل مع كل ما نتصور أنه يحتويه

من هذا المنطلق ينتفى أن يكون للوعى وعاء أو حامل يحمله، إذا كنت قد انتهيت إلى أنه هو ليس وعاء (وسادا)

أما بقية السؤال عن “فما هو” فإذا كان المقصود: ما هو الوعاء، فالأمر لا يحتاج ردا ما دامت إجابة أول السؤال بالنفى، أما إذا كان المقصود “ما هو الوعى”، فهذا هو الإشكال الذى لم يُحل بعد برغم الاجتهادات الرائعة والمضطردة من كل مناهل ومناهج المعرفة.

2) هل للوعي درجات تدرك جميعها، و إلا لماذا وجدت؟

برغم الاجتهادات الرائعة والمضطردة عبر كل مناهل ومناهج المعرفة، فإن الوعى ما زال مجهولا بشكل أكثر مما يتصوره أى باحث جاد، وبالرغم من أن سيجموند فرويد هو من فتح الباب لما يسمى “الشعور” مقابل “اللاشعور”، إلا أننى أعتقد أنه كان اختزالا معطلا رغم الإضافات والإشراقات التى كشف عنها، وكان فرويد يعنى طبعا الوعى حيث لا يوجد فى الإنجليزية فرق كبير.

 وقد كتبت يا أخى عن صعوبتى فى محاولة الإلمام بطبيعة الوعى ودرجاته، ولم أنجح مثل غيرى – حتى الآن- بما يرضى طالب المعرفة الأمين، كل ما نجحت فيه هو تحديد بعض ما هو “ليس كذلك” ، فهو ليس الشعور الفرويدى (فى مقابل اللاشعور)، وهو ليس الوعى بمعنى اليقظة والانتباه ومعرفة المكان والزمان والأشخاص، وليس التفكير الظاهر فى مقابل المعرفة الكامنة، لكنه فى نفس الوقت كل ذلك.

وبالنسبة للغة والترجمة، وأنا أفضل دائما أن أبدأ من لغتنا قبل أن ألجأ إلى المعاجم حتى المعاجم العلمية، وجدت أنه فى اللغة العربية تختلط كلمة “الوعى” بكلمة “الشعور”، وتستعملان بالتبادل بسهولة تضر كليهما، بالرغم من أن أى منهما قد تشير إلى بعض جوانب متفق عليها، وعلى فكرة ما زالت كلمة consciousness فى الانجليزية تمثل إشكالة علمية منهجية نفسية لغوية تطورية طول الوقت، وكل المناهج الفينومينولوجية والجدلية (بما فى ذلك هيجل)  على جميع المستويات فى الفلسفة والعلوم النفسية والعصبية حاولت أن تتناول أطروحة “الوعى” بعمق كاف، وبحذر مناسب، ولم تنجح فى سبر غوره، وتركتنا فى بحيرة مفتوحة بعيدة الشطآن، وقد أشرت مرارا إلى حضورى لرائد الطب النفسى هنرى إى فى باريس، ومدى إعجابى به، ثم حصولى على مؤلفه: كتاب le conscience بالفرنسية، وقد كان ينتمى إلى ما أسماه علم نفس الوعى، فى مقابل علم نفس اللاوعى الفرويدى على حد ما وصلنى، وقد حصلت على نسخة من كتابه بالآلة الكاتبة وكان ذلك متاحا لمن يحضر السمينار الذى يعقده كل أسبوع فى مستشفى “سانت آن” فى باريس، وطبعا لم أفهم فيه شيئا يذكر، وعزوت ذلك لعجزى البالغ فى الفرنسية، لكن بعد عودتى بلغنى أن الكتاب نشر مطبوعا، وأنه قد تمت ترجمته إلى الإنجليزية، وكم كانت فرحتى بالحصول على ترجمته إلى لغة أتصور أننى أجيدها، لكن للأسف وجدت صعوبة بالغة أيضا فى الإحاطة به كما ينبغى فى إطار فروضى المتدفقة فى هذه المنطقة، وحين انتبهت أثناء شرحى لظاهرة “حدة الوعى (والبصيرة) فى بعض بدايات الذهان، وخاصة الفصام، ووصفتها بالإنجليزية بأنها Hyper-awareness وذلك حتى لا أصف الوعى (بمستوياته، أنظر بعد) بالحدة، احترت كيف أترجم كلمة awareness لأميزها عن الوعى، وارتضيت ولو مؤقتا أن أترجمها إلى “الدراية” فتصبح  Hyperawareness هى “فرط الدراية”

 ومازلت أجد صعوبة شديدة فى التقدم للإحاطة الواجبة بإشكالة الوعى حتى بالسرعة البطيئة أو القوى المكبرة، وحين قدمت أنواع العقولKinds of Minds  للفيلسوف دانيال دينيت هنا فى النشرة (نشرة 25-12-2007 “أنواع العقول وتعدد مستويات الوعى) نبهت إلى أننى لم أفهم منطلقه التطورى إلا حين أهتديت إلى مقابلة كلمة Mind التى استعملها حتى فى عنوان كتابهKinds of Minds  بكلمة “مستوى الوعى (نشرة 2-1-2008 “أنواع العقول  (وإلغاء عقول الآخرين) الطريق إلى فهم الوعى”)، (وأحيانا حالات الذات ego states أو حالات العقل states of mind  بلغة العلم المعرفى العصبى Cognitive Neuroscienc).

من هنا، ومع انتمائى القديم (الدائم، المتجدد)  إلى مفهوم ونظريات تعدد الذوات، فى التركيب البشرى، ليس فقط من منطلق التحليل التفاعلاتى Transactional Analysis (Eric Bern) ولكن أكثر من منطلق الترتيب الهيراركى الفيلوجينى والأنتوجينى، انتبهت، ومارست العلاج ونقد النص البصرى من هذا المدخل، المتعلق بسؤالك الثانى هذا

آسف لإطالة المقدمة قبل أن أجيب تحديدا على السؤال، لأننى أعتقد أنها مقدمة أساسية قد تكون ضرورية وأنا أجيب على بقية تساؤلاتك الهامة

أما أن للوعى درجات؟ (دعنا نؤجل وصف تجمعها قليلا) فالأولى عندى لأبلغك موقفى، هو أننى أتعامل مع الوعى بأن له مستويات تصاعدية، وليس درجات، فتعبير درجات يمكن أن يصف ما هو كمىّ زيادة ونقصا، وأنا أرى أن كل مستوى من مستويات الوعى، هو منظومة متكاملة بذاتها، وكل مستوى له درجات طبعا، فمستوى وعى اليقظة مثلا له درجاته التى تتعلق بحدة الانتباه، وأحيانا بما وصفناه حالا بـ”فرط الدراية”، وقد تفتر إلى  مستوى عدم التركيز، أو تحتد إلى مستوى فرط الاستغراق hyperprosexia، كل هذه درجات مستوى واحد من الوعى، وهو وعى اليقظة، ولا أطيل عليك عن وعى النوم العادى بدون حركة العين السريعة، ووعى النوم النقيضى paradoxical sleep  أو نوم الريم    REM نوم حركة العين السريعة.

ومن هذا المنطلق أفترض لكل مستوى من مستويات الوعى (التى أسميها الأمخاخ) المترتبة هيراركيا درجات لنشاطه، وكل مستوى يختلف عن المستوى الآخر نوعيا

ثم نأتى لبقية سؤالك عما إذا كانت هذه المستويات “تدرك جميعها”؟ ولم أعرف إن كنت تقصد تدرِك (بكسر الراء) أم تدرَك (بفتح الراء) فأرجو ان تقبل عذرى مؤقتا عن الرد ما دمت أنت تسأل عن “درجات”، وأنا أتكلم عن “مستويات” تمثل منظومات متكاملة لكل مخ على حدة حيث كل مخ له طبيعته، ودوره وتاريخه، وطريقة تآلفه مع سائر المستويات الأخرى، بالتبادل الإيقاعى، وبالجد\ل النمائى…إلخ (وقد يأتى ذلك لاحقا بالتفصيل فى التفسير التطورى لهيراركية الأمخاخ  والتفاعل بينها)

أما نهاية السؤال، وإلا فلماذا وجدت، فأعتقد أيضا أن الأمر يحتاج إلى تحديد أكثر، بعد أن نتفق هل نحن نتكلم عن “درجات الوعى”، أم عن “مستويات الوعى” التى هى أمخاخ متكافلة ومتصارعة، ومتبادلة، وجدلية، أم عن “أنواع العقول” بلغة  دانيال دينيت.

وبعد

بدءا من هنا يا أخى الكريم، سوف أجيب بإيجاز ودعنى  أستوضحك مزيدا من التحديد بعد أن اختلفنا فى الأبجدية الأساسية التى نتحاور بها ، مثل أنك تتكلم عن درجات، وأنا أتكلم عن مستويات، أو مثل أنك تصف وعيا واحدا، وأنا أتناول عدة منظومات للوعى معا (بل عدة أمخاخ- فى صراع وتنافس وجدل وإيقاع متبادل ومتزاحم …إلخ : (برجاء الرجوع أيضا إلى مداخلة الزميل الفاضل أ.د. صادق السامرائى اليوم فى “شعن” بعنوان: طاقة التكرار ومعجزة الأفكار!! – د. صادق السامرائى ففيها ارتباط غير مباشر بهذا التعدد والصراع بين الأمخاخ – الافكار‏)

3) هل الوعي  يقع ضمن القوانين الفيزيائية ؟

نعم، شريطة أن نتقدم إلى التعرف على الفيزياء الكموية َ  Quantum Physics التى اقتحمت العلوم الإنسانية حتى بدأت تفسر لنا بعض خبرات التصوف, علما بأننى لا أعرف عنها إلا أقل القليل

4) و ان كان فهل هو قابل للقياس ؟

عذرا، ما هو الذى هو قابل للقياس؟  حتى الإدراك يا أخى الكريم، وهو الأقرب إلى الوعى، هو معطى غير كمى أساسا حتى نقيسه، وإنما نحن نستطيع أن نحدد كفاءة وظيفته (مع وظائف أخرى) أحيانا فقط، وبغير حسم أو تخصيص

5) هل يصدق حديث الحواس و دون الحواس لنثق في وعينا ؟

أعتقد أننى تناولت ذلك بتفصيل شديد فى ملف الإدراك، وأنا أقدم “الإدراك المتجاوز للحواس”، ثم إنى – على ما أذكر – قدمت بعض مظاهر اضطرابات وخداع الحواس مع اضطرابات الإدراك الحسى أيضا، ويمكنك مرة آخرى الرجوع إلى هذا الملف بهذا الرابط (آسف فقد بلغ حتى الآن 878 صفحة ولم يكتمل بعد) من (نشرة 11-11-2012) إلى (نشرة 12-11-2014).

6) هل ان للوعي بداية و نهاية

أظن بعد أن تحددت مستويات للوعى بهذا التصعيد وهذا التكثيف وهذا التفاعل ، تصعب الإجابة على هذا السؤال، فإذا رجعنا للتاريخ، وأخذنا بوجهة نظر “دانييل دينيت” صاحب كتاب أنواع العقول، أكرر التذكرة بأن العنوان الفرعى للكتاب هو:  “نحو محاولة فهم الوعى”، Towards Understanding Consciousness فإن نشأة العقل أعنى مستوى الوعى الأولى، يمكن أن تعتبر مع نشأة الحياة، أما نهايته فحسب فرضى أن الموت هو نقلة الوعى الشخصى إلى الوعى الكونى إلى وجه الله تعالى، فهو ليس له نهاية لو صح هذا الفرض

7) هل يمكن الوثوق في عالم يبدو ماديا و هو ليس كذلك اطلاقا و نقول بأننا نعي به في آخر المطاف ؟

لم افهم ماذا تقصد بـ “عالم يبدو ماديا” ، التحديد القديم بين المادة، واللامادة ، لم يعد مفيدا، وأظن أنه لم يعد مطروحا، وحتى الحديث عن الروح مقابل الجسد كمادة، أنا أتحفظ فى الخوض فيه باعتبار أن الروح “من أمر ربى”، ثم إننا لا نقول إننا نعى، هذا هو فقط ما يخيل لنا غالبا، والمعرفة بالتفكير الظاهر ليست هى الوعى، وهذا التفكير لم يعد يمثل أكثر من 15% على أحسن الفروض من مجمل النشاط المعرفى، …إلخ

8) أين يقع جهاز الوعي في الواحد ؟

لا يوجد للوعى جهاز محدد، وبالتالى هو يوجد فى كل خلية، بل فى كل وحدة حيوية اصغر من الخلية، لكن المخ البشرى الرائع الدائم التكوّن always in the making، وإعادة بناء نفسه، يقوم بالدور الأكبر فى احتواء الأمخاخ المتكافلة والمتبادلة والمتصارعة (وهى المرادف لمستويات الوعى)، ثم أن الجسد له دور هائل فى التفكير والإبداع، لهذا فأنا أتعامل معه باعتباره “وعيا متعينا ” Concretized Consciousnessـ ويمكن الرجوع فى ذلك إلى (نشرة 6-11-2007 “عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ”).

9) هل نحن الوعي ام اننا شظايا من وعي محتمل يريد ان يكتمل ؟

لعلك لاحظت تعبير “المخ البشرى الدائم التكون” فى الإجابة على السؤال السابق، وهذا من ضمن روعة التركيب البشرى، ومسئوليته أيضا. أما حكاية شظايا وعى، فهى غير واردة إلا فى حالة ضمور خلايا المخ بدرجة شديدة، واحيانا فى الفصام المتدهور المتفسخ، وهو ما أطلقت عليه أحيانا “تخثر الوعى”

أما أول سؤالك هل نحن الوعى، فهو تعبير جيد ربما يحتاج أن أجيب بأنه “وهل نحن إلا كذلك”

10) ماذا لو نزلنا الى درجة الذرات أين تتعطل كل القوانين وتتغير قواعد اللعبة ونسأل عن الوعى؟

لست أدرى مدى ارتباط النزول إلى مستوى الذرات بالتعبير الذى ذكرته حالا وهو “تخثر الوعى”، إذا فرضنا نظريا أن مستويات الوعى كلها تعطلت، فأعتقد أن الحياة كلها سوف تتعطل، لكن عادة، حين يتعطل مستوى وعى (مخ) أحدث مثلا، يقفز مستوى أقدم  للإمساك بالدفة وهات يا نكوص وهات يا مرض، وكلما تغيرت القيادة (أى مخ هو الذى يقود السلوك والعلاقات والحياة) تغيرت قواعد اللعبة طبعا، فالمخ الكرى الفرّى (من الكر والفر، أى المخ البارنوى)، له قواعده، وإذا طغى وقاد سائر الأمخاخ (أى مستويات الوعى) ظهر نوع معين من المرض، وتغيرت قواعد اللعبة وهكذا. وعلينا أن نتعرف على المخ السائد قبل أن نسأل عن قواعد المخ (مستوى الوعى السائد) بدلا من نسأل عن الوعى هكذا بإطلاق. بل إن النيورولبتات  neurolepticsلها تشكيل هيراكى فى خبرتى يساعد فى استعادة القيادة للمخ الأحدث مع التناوب المناسب حتى تتاح فرص الجدل مع المخ الاقدم، فالنمو، وهكذا

(طبعا أرجو أن تكون قد ألفت أن تستقبل كلمة مخ باعتبارها “مستوى منظومة وعى بذاته”)

أكرر شكرى، وعليك السلام

 يحيى الرخاوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *