الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / بعض ما آل إليه التعليم، إذن ماذا؟ (1 من2)

بعض ما آل إليه التعليم، إذن ماذا؟ (1 من2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 29-4-2014

السنة السابعة

العدد:  2433

 

الثلاثاء الحرّ

 

بعض ما آل إليه التعليم، إذن ماذا؟ (1 من2) (1)

ملاحظة بادئة: “آسف لبعض التكرار، ولكن هذا تمهيد ضرورى للاقتراحات غدا”

لاحظت أن كثيرا من الكتابات تشير إلى الداء بشكل موضوعى ومحدد، ولا تصف الدواء بأى اجتهاد عملى مقبول، وأنا لا أرفض هذا، وأشارك أحيانا فى مثل ذلك، ولا ألوم نفسى باعتبارى لست فى موقع المسئولية التنفيذية، ويكفينى أن أبلغ عن ما يصلنى من نقص أو خطأ، وعلى من وضع نفسه موضع المسئولية أن يتولى محاولة التصحيح أو التعديل أو التأجيل واعيا أو النقض رافضا.

 من المواضيع التى تكررت الإشارة إليها، الموضوعات التى تؤكد ما آل إليه حال التعليم لدينا ليس فقط فى الآونة الأخيرة، ولكن منذ عشرات السنين، وقد شاركت كل من الدولة، والإعلام، والأهالى فى رعاية التدهور المضطرد والعشوائى بشكل لم يعد يحتاح إلى إعادة إشارة أو شرح، من أول انتشار الدروس الخصوصية، وحتى شيوع فكرة المراكز، مع التأكيد على السماح بالغش الخاص والعام، والاعتراض على صعوبة الامتحانات إعلاميا،وتراجع الوزارة أمام دموع البنات والأمهات “تصحيحيا!!” ولم ينجح تعديل الكادر ولا التهديد بالعقاب الإدارى، فى تصحيح ما أصبح معروفا عن غياب فكرة المدرسة أصلا، ليس فقط كمؤسسة تربوية، وإنما حتى كمؤسسة تحفيظية، وحين أقول المدرسة أعنى كل مراحل الدراسة والتحصيل من رياض الأطفال حتى الجامعات.

أنا أحصل على كثير من معلوماتى فى هذه المنطقة من مرضاى الاصغر، ومن أهاليهم، القادمين من كل أنحاء القطر، وحين أطلب من الواحد منهم، أو من أهله، أن يلتزم بالذهاب للمدرسة يوميا، وألا يغادر المدرسة تحت أى ظرف إلا بعد انتهاء اليوم الدراسى، أفعل ذلك وأنا فى غاية الحسم والحماس، مؤكدا أن هذا من صلب التأهيل والعلاج، ينظر التلميذ إلى والده بابتسامة فيها مزيج من الاستفهام والتعجب، فينظر الوالد – أو الوالدة أو كلاهما – إلى شخصى نظرة فيها مزيج من الدهشة والشفقة، ويسألنى أى منهما، “مدرسة إيه يا دكتور، إحنا فى ديسمبر (مثلا)، فأقول مكملا، لكن الدراسة لا تنتهى إلا فى يونيو عادة، فتزداد شفقتهم علىّ غالبا حيث يصلهم كم أنا غريب عن الواقع الجديد، ومرة بعد مرة وصلنى من هذا الواقع المتكرر، أن معظم المدارس قد أصبحت حجرات ومكاتب وكراسى، بلا محتوى آدمى أصلا، وبلا هدف وبلا وظيفة، اللهم إلا أحيانا حين يحتاج الأمر إلى تجمع المدرسين أو المدرسات للإضراب عن العمل غير الموجود اصلا، تعلمت من كثرة ما ترددت مثل هذه المناقشات فى عيادتى ألا أوصى هذه الوصية التى لم يعد يمكن تنفيذها، وأنا أكتب بدلا منها “يواصل حضور مراكز الدروس” لمن حاله لا تسمح بالدروس الخصوصية جدا، أو: “يواصل حضور وعمل واجبات المدرسين الخصوصيين” للأكثر مقدرة مالية.

ما هذا بالضبط، وإلى متى؟

 كنت قد اقترحت أيام الرئيس مبارك، وكان حال التعليم قد بلغ ما ذكرت فعلا، أن يُصرف بدل نقدى لكل أسرة وكان نص الاقتراح الساخر يقول: “نستغنى عن المدارس تماما، ونمنح كل ولى أمر يعول أولادا وبناتا بدلا نقديا، على أن يحلف على المصحف أو الإنجيل أو ميثاق الأمم المتحدة أمام مجلس الحى، أنه سوف ينفقه فى تعليم إبنه أو ابنته”

ثم إنى حين راجعت هذا الاقتراح الآن، وراجعت ما آلت إليه منظومة القيم والأخلاق بعد الفوضى غير الخلاقة التى سادت مؤخرا، وجدت أنه اقتراح خال من أية تأكيدات تضمن تنفيذه، فأضفت إليه مايلى: “وألا أنفق مليما منه على مأكل أو ملبس أو ترفيه، طبعا ولا على سجائر أو أى مزاج آخر!!، وأن أصاب بعمى الألوان الثورية لو أننى حنثت فى يمينى هذا”

ثم حضرتنى شطحات أخرى، أكثر عملية وأقل سخرية.

افضل أن أؤجلها إلى الغد.

 

[1] – تم نشر المقال بموقع  اليوم السابع بتاريخ 12 -2- 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *