الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف‏ ‏التفكير‏ (26): اضطرابات التفكير المسار والمصير لأزمة “الفصل الوصل”

ملف‏ ‏التفكير‏ (26): اضطرابات التفكير المسار والمصير لأزمة “الفصل الوصل”

نشرة “الإنسان والتطور”

الاثنين: 28-4-2014

السنة السابعة

العدد:  2432

  الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الثالث: ملف‏ ‏التفكير‏ (26)

اضطرابات التفكير

 المسار والمصير لأزمة “الفصل<=>الوصل”

(فى أمراض مختلفة)

مقدمة

أولا: حين تخلصت من التمسك بتعبير الشعور بالذنب، وأرجعت أصل القضية إلى الشعور بالذات، والشعور بالفصل، ثم النزوع للوصل، اصبحت أكثر حرية فى أن أعزو مرضا بذاته إلى هذا الاصل الذى أصبح – بالنسبة لى عموما- أكثر رحابة ودلالة من محدودية تعبير “الشعور بالذنب”

ثانيا: حين تكلمت أمس عن المسار والمصير فى حالة العادية أو السواء كان لزاما أن أعود للتذكرة بالفرض الأساسى مضافا إليه بعض الفروض التوضيحية، وذلك قبل أن نتناول بعض أمثلة من الأمراض على هذا المستوى، فأذكر القارئ بالخطوط العريضة كما يلى:

1- الشعور بالذنب هو التفسير الظاهر لشعورٍ أعمق بـ ”وعى الفصْل“.

2- إن بزوغ الذات (الوعى بـ ”أنا متفرد“) تصاحبه: روعة آلام الحرية، المرتبطة بأعباء مسئولية الإرادة، وقدراتها.

3- يصبح هذا الشعور نفسه دافعا نحو النمو فى حركية إيقاعية الوصل<=>الفصل المتكررة مدعومة ببرنامج الدخول<=>الخروج

4- وعى الفصل ليس شعوريا، مثل نزوع الوصل، كل منهما برنامج ”دافع حيوى إنسانى أساسا“ (لا يوجد غالبا عند الحيوانات، أو قد يوجد لأنها تسبح الله تعالى)

5- يترتب على ذلك (1) حفز للنمو من ناحية: “ما دمتُ أصبحتُ ما هو “أنا” مستقلا، فلأكمل  “لأكون”، وعلىّ أن أحمى نفسى..وأثبتها “ذاتا”، كما يترتب على ذلك (2) اكتساب درجة من الوعى  بالعجز عن  الاستمرار منفصلا، وإلا فلن يكون بشرا سويا.

6- قد يتطور الأمر إلى أن ينقلب هذا الشعور ليصبح دافعا ومبررا للتوقف عن الوعى به والتفكير فيه، ومن ثَّم يعتبر آلية دفاعية Defense Mechanism تخفف من إلحاح تحمل مسئولية الوجود متفردا  طول الوقت.

7- فشل السعى للوصْل (النمو التطورى-الإبداعى -الإيمانى- الأرقى) ولو مرحليا، قد يغرى بالتنازل عن الحرية بـمحاولة العودة للأصل سكونا.

8- إذا رسخت هذه الخطوة واستقرت (العودة للأصل والكمون داخله) ، كأنها الأصل والنهاية معاً، يتجمّد النمو.

9- حركية “الوصل<=>الفصل” إن لم تأخذ مسار الجدل النمائى/التطورى، قد ترتد إلى عطش النكوص اللحوح.

10- حين أتحدث عن “العادى” والعادية، مثل نشرة أمس، فإن ذلك يرتبط بفرض الإيقاع الحيوى اليوماوى، والإيقاع الحيوى عموما، الذى وضعته لاحترام التبادل النابض فى الشخص العادى بين ما أسميته “حالة العادية” و”حالة الجنون” وحالة الإبداع”، وبالتالى فإن أى تقديم لهذه الحالات منفصلة تماما، إنما يشير إلى غلبة أحدها على المستوى السلوكى طول أو معظم الوقت، لا أكثر.

11- إن حنين الوعى الكونى (أو الرحم) لجذب الوعى الفردى إليه من جديد، بعد انفصاله، يمكن أن يضيف إلى حركية الإيقاع الحيوى ومسارات النمو، أو النكوص، أو المرض: إضافات ذات دلالة

ملحوظة: إن ما ذكر أمس عن المسار الإبداعى فى حالة “العادية” لا يعنى إنتاج إبداع بذاته بقدر ما يشير إلى حركية النقلة النوعية اليوماوية العادية لكل الناس، مهما ضؤلت، بين الحالات الثلاث

نموذج من بعض الأمراض

تمهيد:

قبل أن ننتقل إلى بعض تفاصيل تجليات “أزمة الوصل<=>الفصل” فى صورها المرضية، وجدت أنه من الأفضل أن أثبت إضافة حضرتنى تكمل فروضى:

 حيث تراءى لى أنه يمكن أن تُعزى كثير من الأمراض النفسية إلى هذه الأزمة الأساسية فى التطور البشرى، مع اختلاف درجات الوعى بها، وكذلك اختلاف مظاهرها السلوكية (أعراضها)، إن فكرة انفصال الوعى الشخصى عن الوعى الكونى، أو الوعى الام (الذى هو ليس بالضرورة وعى الأم) هى حقيقة غائرة فى التركيب البشرى، وبالتالى فإنها تحدث آثارها بغض النظر عن مدى حضورها فى الوعى الظاهر، هذا الوعى الغائر يحمّل الفرد مسئولية أكبر من طاقته لو انقطع وصله مع اصله بشكل تعسفى نتيجة لعدم جاهزية برنامج الدخول والخروج، وأيضا نتيجة للعجز عن إحاطة هذا المأزق بما يسمح باستيعاب نبضات الإيقاع الحيوى فى جدل “تواصل النمو”.

موقف:

لست متأكدا من سلامة المنهج، وأشعر أننى أسُتدرج بالتدريج إلى الرجوع بكل الأمراض النفسية (ما عدا الأمراض العضوية التشريحية) إلى أصل قضية تخليق الوعى الفردى، وبزوغ ما يسمى الذات، وهى قضية إذا ارتبطت بمفاهيم الوعى الجماعى، ثم الوعى الكونى قد  تجرجرنا إلى قضية التطور والخلـْق حتى ليبزغ فرض مكمل يقول: إنه يبدو أنه لا حل للمرض النفسى بشكل جذرى، إلا إذا استعاد الكيان “المنفصل” أمله فى “الوصل”، أو بتعبير أدق، استعاد حقه فى البدء فى مواصلة محاولة الوصل، ومن ثم إيقاعية “ الوصل<=>الفصل”  بعد أن تورط فى مأزق “ الفصل<=>الوصل“.

توقف:

أشعر أننى فى حاجة إلى التوقف اليوم قبل أن أغامر بتطبيق هذا المنهج الذى غمرنى فجأة بلغات كثيرة: تطورية، وإيمانية، وإبداعية، فأستأذنكم الآن حتى نجرب الأسبوع القادم ما يمكن أن يكون.

*****

وأكتفى بعرض الشكل الذى سوف نبدأ منه

28-4-2014_1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *