الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف الوجدان واضطرابات العواطف (43) تشكيلات الاكتئاب المرضى فى مقابل الحزن الجدلى المواجهى (1)

ملف الوجدان واضطرابات العواطف (43) تشكيلات الاكتئاب المرضى فى مقابل الحزن الجدلى المواجهى (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 23-11-2014   

السنة الثامنة

العدد: 2641

 الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسيةالفصل الخامس:

ملف الوجدان واضطرابات العواطف (43)

اضطرابات الوجدان (العواطف) (9)

الاضطرابات الوجدانية: كمِّـيا (7)

ثانيا‏: ‏الانفعالات‏ ‏العسرة‏:‏ (6)

تشكيلات الاكتئاب المرضى

فى مقابل الحزن الجدلى المواجهى (1)

مقدمة:

حتى لا نتمادى فى التأكيد على أن ثمَّ فرقا بين الاكتئاب والحزن، قررت، ولو مؤقتا ان أستعمل لفظ الاكتئاب أكثر وأنا أصف تشكيلات أنواعه المرضية، فى حين أحتفظ – ولو مؤقتا- بلفظ الحزن لما هو أقرب إلى الصحة والحفز والإبداع.

وقد عثرت على دراسة باكرة لى (1) تصنف الاكتئاب بما يمكن أن يعيننا على تبين طيف ما يصيب المرضى فى مختلف اشكاله، وفضلت أن أقدم هذا التصنيف، مع قليل من التحديث، كالتالى:

‏أولا: الاكتئاب‏ ‏العصابى ‏الدفاعى: The Neurotic Defensive Depression

 ‏ويتميز‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏بأنه‏ ‏مثل‏ ‏أى ‏عصاب‏ – ‏ليس‏ ‏سوى ‏دفاعا‏ (‏ميكانزما‏) ‏للتخلص‏ ‏من‏ ‏جرعة‏ ‏زائدة‏ ‏من‏ ‏القلق‏ ‏غير‏ ‏محدد‏ ‏المعالم‏ ‏الذى ‏يكمن‏ ‏وراءه‏ – ‏كما‏ ‏ذكرنا‏ – ‏تهديد‏ ‏بوعى ‏داخلى ‏بجرعة‏ ‏غير‏ ‏مناسبة‏، ‏وهذا‏ ‏القلق‏ ‏يحمل‏ ‏معه‏ ‏التهديد‏ ‏بالإحباط‏، ‏

يقوم‏ هذا ‏الاكتئاب‏ ‏بإزالة‏ ‏هذا‏ ‏التهديد‏ ‏بأن‏ ‏يعيش‏ ‏المريض‏ ‏خبرة‏ ‏الاكتئاب حالا، ‏وكأن‏ ‏الإحباط‏ ‏قد‏ ‏تم‏ ‏فعلا‏، ‏وهذا‏ ‏الإحلال أو التبكير بدفع ثمن الإحباط، ‏برغم‏ ‏قسوته‏ ‏الظاهرة‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏وظيفته‏ ‏النفسية‏ تبدو  ‏وظيفة‏ ‏دفاعية مثلها مثل فرط استعمال أى دفاع (ميكانزم) فى محاولة التخفيف عن أصل المعاناة،

 ومثل هذا الاكتئاب يعتبر دفاعا من حيث‏ ‏أن‏ ‏النفس‏ قد ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تحتمل‏ ‏الإحباط‏ ‏الذى ‏وقد تم‏ ‏فعلا‏ ‏وأصبح‏ ‏أمرا‏ ‏واقعا‏ ‏بقدر‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏قدرتها‏ ‏على أن تعيش تحت تهديد حدوثه ، الأمر الذى قد يتعاظم بمبالغات الخوف والبعد عن الواقع، ‏التهديد‏ ‏بالإحباط

(- ‏فى ‏المثل‏ ‏العامى: “وقوع‏ ‏البلا‏ ‏ولا‏ ‏انتظاره‏،

 وفى ‏الشعر‏ ‏العربى:‏

أيتها‏ ‏النفس‏ ‏أجمِلى ‏جزَعا  *  ‏إن‏ ‏الذى ‏تحذرين‏ ‏قد‏ ‏وقعا)

‏ ‏وهذا‏ ‏النوع‏ ‏من‏ ‏الاكتئاب‏ ‏يسرى ‏عليه‏، ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏السيكوباثولوجى، ‏كل‏ ‏ ‏ ‏المبادئ‏ ‏العامة‏ ‏التى ‏تحكم‏ ‏ظهور‏ ‏العصاب‏ Neurosis‏، ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏ليس‏ ‏مرادفا‏ ‏للإكتئاب‏ ‏التفاعلى ‏والموقفى Reactive and Situational Neurosis… ‏الذى ‏يعتبر‏ ‏تفاعلا‏ ‏مفرطا‏ ‏لمثير‏ ‏مُحبط‏ نتج عنه إحباط‏ ‏فعلى ‏تمَّ ‏ إثر فشل حقيقى أصبح واقعا، ‏وهذا‏ ‏التفاعل‏ ‏المفرط‏ ‏ليس‏ ‏دفاعا‏ ‏عصابيا‏ ‏بالضرورة‏، ‏وإن‏ ‏كانت‏ ‏الحيل‏ ‏قد‏ ‏تسهم‏ ‏جزئيا‏ ‏فى ‏إحداثه‏،

 ‏كما‏ ‏لا‏ ‏يجوز‏ ‏أن‏ ‏نخلط‏ ‏بين‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏العصابى ‏وبين‏ ‏نوع‏ ‏آخر‏ ‏يسمى ‏الاكتئاب‏ ‏البسيط‏ Simple depression ‏وكذا‏ ‏الاكتئاب‏ ‏غير‏ ‏الذهانى Non-psychotic depression ‏حيث‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏أو ذاك هو‏ ‏نوع‏ ‏مخفف‏ ‏من‏ ‏ذهان‏ ‏الاكتئاب‏ ‏الدورى ‏المحدد‏ ‏بيولوجيا‏ ‏بنبض‏ ‏الحياة‏ ‏كما‏ ‏سيرد‏ ‏ذكره‏ ‏حالا‏ (رقم 6) . ‏

‏2- ‏الاكتئاب‏ ‏التبريرى ‏العدمى Rationalizing Nihilistic Depression

 ‏يتميز‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏باستعمال حيلة (ميكانزم) “التبرير” أكثر من حيل تحقيق الإحباط الخيالى كما هو الحال فى  الاكتئاب الدفاعى (النوع الأول)، وهو يتجلى فى صورة نوع من اليأس والقنوط، الذى قد يصل إلى إعلان مطلق للاجدوى، مع استسلام سلبى غالبا، وهو يكاد يكون أقرب إلى اضطراب الشخصية السوداوية منه إلى ظهور شعور بحزن طرأ على شخص لم يعتده، وأحيانا يصل اليأس، والتيئيس إلى درجة من الاعتقاد الذى يقترب من صلابة وثبوت الضلال، ومثل هذا الشخص يبالغ فى مبررات يأسه ليـُبقى عليه، لا ليتخلص منه، وأحيانا يكون التلويح بإحياء الأمل عنده، أو الإشارة إلى احتمال تفاؤل ما، هو بمثابة تهديد لميكانزماته التى تحفظ توازنه، فكأنه مرعوب من تحمل مسئولية الأمل ليحمى نفسه من إحباط هو الأرجح عنده تماشيا مع يأسه، أو لأنه اعتاد موقف اليأس والتيئيس ووضع اللوم على الآخر طول الوقت بما يدعم اعتماديته الخفية، ويغلب فى حواره تلك العبارات المكررة أنه:  “لا‏ ‏فائدة‏” ‏و‏”لا‏ ‏شئ‏ ‏معين” ‏و‏”‏الكل‏ ‏باطل‏ ‏وقبض‏ ‏الريح” ‏و‏”‏العدم‏ ‏هو‏ ‏الحقيقة‏ ‏الوحيدة”.‏

على أنه إذا ساد هذا الموقف عند جمهرة من الناس، أو أغلب الناس، فإنه لا يصح التعامل معه على أنه مرض فردى، وإنما  يرصد باعتباره ثقافة غالبة، سواء كانت دائمة (تصف فريقا معينا من البشر) أو مرحلية تصبغ مرحلة معينة من معاناة جماعات معا، وقد صبغ ‏ ‏الموقف‏ ‏الضلالى ‏العدمى ‏ ‏الأدب‏ ‏والفن‏ ‏فترة‏ ‏طالت واحتدت ‏بعد‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الثانية‏ ‏فى ‏العالم‏ ‏الأوربى ‏خاصة‏ (‏الغربى ‏بوجه‏ ‏أخص‏) ‏كنوع‏ ‏من‏ ‏التفاعل‏ ‏التلقائى ‏لما‏ ‏أصاب‏ ‏الإنسان‏ ‏الغربى ‏من‏ ‏كوارث‏ ‏شككته‏ ‏فى ‏حتمية‏ ‏إنتصار‏ ‏الحياة‏ ‏وتلقائية‏ ‏التطور‏،كما أنه يمكن أن يرصد لدينا بعد كوارث عامة جسيمة مثلما كان الحال بعد هزيمة 1967 فى مصر، أو بعد فشل الثورات التى لوحت بآمال أكبر من قدرتها على تحقيقها، (ويمكن أن يكون مثل هذا هو الجارى  حاليا عندنا فى هذه الفترة كمثال)، لكننى من حيث المبدأ أرفض وصف شعب بأكمله بإصابته بما أسموه “الاكتئاب القومى”، فهو إما يأس مؤقت مشروع، وإما ثقافة سلبية غالبة.

‏3- ‏الاكتئاب‏ ‏الراكد‏ ‏المؤثــِّم ‏ Guiltifying Stagnant Depression

‏فى ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏يسود شعور‏ ‏معطـِّـل‏ ‏بذنب‏ ‏لا ‏ ‏يغتفر، ولن يغتفر‏، والترادف بين الشعور بالذنب وبين الاكتئاب ترادف سطحى وغير دائم، فليس كل  شعور بالذنب مصاحَب بالاكتئاب، ولا كل اكتئاب مصاحب بالشعور بالذنب، وقد يظهر الشعور بالذنب بشكل مباشر فى شكاوى صريحة وبالألفاظ، سواء ذكر المريض ذنبا محددا بالغ فى مسئوليته عنه، أو عمم مسئوليته على كوارث ومصائب إنسانية عامة لا دخل له فيها بشكل مباشر، لكنه لا يبرئ نفسه من الإسهام فى إحداثها، وأحيانا يبدو ذلك موقفا استعلائيا أو تكفيريا أو مثاليا، لكنه غالبا  ما يخفى وراءه ما هو أكثر غورا: مثل أن يكون وراءه رغبة فى ارتكاب نفس الذنب الذى يعلن ظاهره أنه نادم عليه ومسئول عنه.

 وقد يستنتج الفاحص أو المعالج الشعور بالذنب دون أن يشكو المريض منه حين يظهر فى صورة ‏المبالغة‏ ‏فى ‏المظاهر‏ ‏التكفيرية‏ ‏المتزايدة‏ ‏، وهذا لا يستلزم عادة أن تصاحبه درجة من الحزن العميق الذى يتناسب مع هول الذنب الذى يحكيه المريض، وقد يصاحب هذا النوع بعض مظاهر ‏ ‏تشويه صورة الذات، والتقليل ‏ ‏من‏ ‏شأنها‏ ‏بما‏ ‏يتضمن‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏التركيز‏ ‏حولها‏، أ‏والتحوصل‏ ‏فيها‏.

أما ما دعانى لوصف هذا النوع بصفة “الركود” فى نفس الوقت، فهو أن هذا النوع من الشعور بالذنب لا يكون دافعا لتصحيح الإثم الحقيقى أو المزعوم (إن كان قابلا للتصحيح)، فكثيرا ما نلاحظ أنه برغم ‏ ‏الشكوى والنعابة وتكرار عبارات التكفير والاستغفار، إلى أن الشخص (أو المريض إذا ما كان قد وصل إلى درجة المرض) يظل على موقفه ثابتا، وكأن داخله يعتبر أن مجرد الإعلان عن هذا الشعور هو بمثابة الاعتراف التكفيرى الكامل وإذا أزمن هذا الشعور أكثر وأكثر، ‏ ‏فإن‏ ‏الإعتماد‏ ‏عليه كمكون أساسى للشخصية، يمكن أن ينقلنا إلى منطقة اضطرابات الشخصية بدرجة  أو بأخرى، علما بأن هذا النوع يحكى عن ما يسمى اكتئابا فى شكاواه اللفظية أكثر مما يظهر فى حضوره الحيوى، وهو لا يثير الشفقة أو يغرى بالمشاركة بقدر ما يكون منفّرا لمن حوله بشكل أو بآخر – وهذا النوع – مثل النوع السابق، مع إزمانه يقترب من اضطرابات الشخصية أكثر.

وترتبط بهذا النوع ثقافة قد تصل إلى درجة التعميم، وهى ثقافة الترهيب والتأثيم، سواء قام بها غلاة الدعاة الدينيين، أو اشخاص يحققون توازنهم، وتكيفهم الشاذ مع من حولهم من خلال هذا التأثيم المستمر لمن يحيطون بهم خصوصا من التابعين والمعتمدين عليهم بشكل أو بآخر، وقد تناول سارتر (2) هذه الإشكالة بشكل قوى فى مسرحيته الذباب، كما تطرقتُ أنا  إليه فى نقدى لقصة نيتوتشكا نزفانوفنا لديستويفسكى (3)، وأيضا فى أطروحتى عن الشعور بالذنب (4).

‏4- ‏الاكتئاب‏ ‏التعودى ‏الطبعى ‏Character Trait Habituated Depression‏

كان المفروض ألا أفرد لهذا النوع فئة فرعية مستقلة، لأنه غالبا يكون نتاج إزمان الأنواع الثلاثة السابقة، بل والنوع التالى أيضا، لكن أحيانا ما يوصف الشخص بأنه صاحب شخصية اكتئابية، أو أنه  “نكدي”، أو “غاوى غم” ، دون أن يتحدث عن شعور بالذنب أو عدمية أو لاجدوى، لكنه يغلب عليه موقف تشاؤمى صريح يصل إلى درجة اليأس والتيئيس كما فى النوع الثانى، أى أن هناك شخصيات تتصف بهذا الميل إلى السوادوية وتوقع الأسوأ دون إظهاريأس صريح أو إعلان ذنب محدد، وهم من يدرجون فى هذه الفئة بشكل أو بآخر، وحين يتعود الشخص (أو المريض) على هذا الموقف ويجد فيه أمانا من الوعود المعرَّضة للإجهاض، ومن الآمال المعرَّضة للإحباط، يتمسك به كجزء اساسى لتوازن وجوده المظلم المستمر حتى لنلاحظ أنه قد يضطرب توازنه حتى الرفض إذا ما تخلى عن هذا الشعور ولو لفترة محدودة،  ‏وعموما‏ ‏فإن‏ ‏الاكتئاب‏ ‏مع‏ ‏إزمانه‏ ‏يفقد‏ ‏حدته‏ ‏الوجدانية‏ ‏ويصبح‏ ‏أقرب‏ ‏عقلانية، يحكى بالألفاظ أكثر مما يعاش، حضورا وجدانيا حقيقيا كما سبق أن أشرنا.

‏5- ‏الاكتئاب‏ ‏الطفيلى (‏اللزج‏) ‏النعاب‏:‏ ‏Nagging (Sticky) Parasitic Depression‏

هذا النوع يكاد يكون مكافئا للوجود الفصامى (5) من حيث الإفراط فى الاعتمادية الرضيعة، ‏وفيه‏ ‏يبدو‏ ‏الشخص‏ ‏لاصقا‏ لزجا ‏طفيلا‏ ‏معتمدا‏ ‏كثير‏ ‏الشكوى ‏نقّاقا‏ ‏نعّابا‏ ‏ناعيا‏ ‏حظه‏ ‏متحوصلا‏ ‏على ‏ذاته‏، ‏وهو‏ ‏بهذه‏ ‏الحال‏ ‏يقوم‏ ‏بتفعيل‏ ‏ميوله‏ ‏الإعتمادية‏ ‏الرضيعية، وتصل اعتماديته إلى درجة لا تطاق، وهو لا يشبع أبدا من الحكى عن ما ينقصه، وسوء حظه، ولا يخلو من حقد ظاهر أو دفين.

‏6- ‏الاكتئاب‏ ‏الدورى ‏البيولوجى:‏‏Periodical Biologic Depression‏

‏ ‏استعمال‏ ‏لفظ‏ ‏بيولوجى ‏هنا‏ ‏لا‏ ‏يعنى ‏أن‏ ‏الأنواع‏ ‏الأخرى ‏ليست‏ ‏بيولوجية‏، ‏ولكنا‏ ‏اقتصرنا‏ ‏على ‏إستعمال‏ ‏لفظ‏ ‏بيولوجى ‏فى ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏للإشارة‏ ‏إلى ‏علاقته‏ ‏بالنبض‏ ‏البيولوجى ‏للحياة‏ ‏الإنسانية‏، ‏وهو ‏ ‏يحدث‏ ‏بجرعة‏ ‏ذهانية‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏ذهانية (6)‏وهذ‏ ‏النوع‏، ‏برغم‏ ‏أنه‏ ‏يمثل‏ ‏جرعة‏ ‏مفرطة‏ ‏لحتم‏ ‏بيولوجى (7)،  ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏هو‏ ‏الذى تمثل بداياته عادة ‏ ‏الوجه‏ ‏الإيجابى للاكتئاب، وهو الذى أشرنا إليه سابقا، وهو الاولى بلفظ الحزن كما بيّنا، حيث أنه الأقرب إلى الإسهام فى جدلية الوجدان النامى.

أما الآن فدعونا نتذكر أنه بالرغم من احتمال تشابه بدايات هذا النوع مع النوع الإيجابى المواجـِهى الخلاّق، إلا أن له ما يميزه إذا تطور فى اتجاه مرضى (بالمواصفات السالفة الذكر من حيث الإعاقة وفرط المعاناة)، وهو نوع يتصف بأنه دورى، ذو بداية محددة عادة، مع تغير كيفى فى الإدراك أحيانا قبل التغير النوعى فى الوجدان، وغالبا فى الظروف الملائمة، له نهاية محددة، وعادة ما يوجد فى أسرة هذا المريض تاريخ لمثل هذا المرض، أو لأى مرض نفسى دوري، أو حتى لظاهرة دورية لم تصل إلى درجة المرض، أو ظاهرة إبداعية دورية أو غير دورية.

وهو نوع له حضور وجدانى أصيل يصل إلى الآخر أكثر مما يصفه بألفاظه، وهو  قادر على الانتقال إلى المحيطين تعاطفا، واحتراما (تماما عكس الاكتئاب الطفيلى النعاب)، بمن فيهم المعالج وأحيانا المرضى الآخرين، وهو يستجيب للعلاج الفيزيائى والدوائى بشكل جيد فى أغلب الأحيان.

هذا النوع هو الأقرب كما قلنا للإيجابية، وعلاقته بالإيقاع الحيوى علاقة وثيقة، وعلىّ أن أعترف بفضله فى تدعيم نظريتى الإيقاعية التطورية، وهذا ما قد نشير إليه غدا، كما سنعود إليه لاحقا.

[1] –  The evolutionary value of tolerance of depression in modern life. Read at CIBA symposium on Depression Cairo January .1979

[2] – جان بول سارتر: مسرحية “الذباب”، كتبها عام 1943، تعريب محمد الطيب، القاهرة، الدار المصرية للطباعة والنشر والتوزيع.

[3] – يحيى الرخاوى: كتاب (تبادل الأقنعة – دراسة فى سيكولوجية النقد) – الفصل الثانى – ‏عالم الطفولة من ديستويفسكى) الهيئة العامة لقصور الثقافة – 2006.

[4] – الشعور بالذنب (عدد ابريل –  سبتمبر1988: الموسوعة النفسية حرف الذال “ذنب”)، و(نشرة 4-5-2014 الشعور بالذنب – أزمة “الفصل الوصل”(، (نشرة 21-4-2014 “الشعور بالذنب بين الدين والإيمان والثقافة”). (نشرة 27-4-2014 “الشعور بالذنب” المسار والمصير لأزمة “الفصل <=>الوصل)

[5] – الوجود الفصامى غير مرض الفصام، وهو وجود يحقق أهداف الفصام من نكوص وإلغاء للموضوع دون تفسخ أو أعراض ذهانية صريحة.

[6] – مع التذكرة‏ ‏بأن‏ ‏تعبير Mega Biorhythmic pulsation‏ ‏”غير‏ ‏ذهانى” ‏ليس‏ ‏مكافئا‏ ‏للفظ‏ ‏عصابى.

[7] – نبضة إيقاع حيوى جسيمة إلى عملاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *