الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (75) من: “موقف المحضر والحرف”

حوار مع مولانا النفّرى (75) من: “موقف المحضر والحرف”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 12-4-2014

السنة السابعة

العدد: 2415

 

 حوار مع مولانا النفّرى (75)

من: “موقف المحضر والحرف”

وقال مولانا النفرى فى موقف “المحضر والحرف”

                              وقال لى:

                                       لا يعرفنى الحرف ولا يعرفنى ما عن الحرف ولا يعرفنى ما فى الحرف

 فقلت لمولانا:

منذ سنين وأنا اصر فيما أكتب، وأيضا فيما  يتيسر لى من خطاب أو ندوات أقدمها عادة لزملاء أصغر، يحتملوننى فقط لأنهم أصغر، أنه سبحانه لا يمكن إثباته “بالتفكير”، وإنما “بالإدراك”، وقد استدرجنى مبحث عن الإدراك، بلغ مبلغا طيبا ولم يكتمل بعد )من نشرة 10-1-2012 إلى نشرة 10-3-2013) حتى تيقنت أن الإدراك هو محيط تسبح فيه زوارق التفكير للتوصيل السريع،  وأنه ينتمى إلى المعرفة أكثر فأكثر، ثم تنتمى المعرفة إلى الوعى، ثم تتسع دوائر الوعى ومستوياته وتتجادل إلى ما لا نعرف، وكنت أحسب أننى بذلك فتحت فتحا مبينا، وكانوا يصدقوننى أحيانا، ويفوّتون لى كثيرا، وينسون ما قلت – غالبا- بعد قليل أو كثير

وصلنى منك يا مولانا مرارا أن  الحرف ينتمى إلى اللغة بمعانيها الظاهرة، إلى التفكير والتجريد والرموز، فى حين تنتمى المعرفة إلى الإدراك الأعمق والأوسع، ثم قد تقع الوقفة وسط مستويات الوعى بلا تحديد، ربما، فقط أريد أن أنبه إلى ما وصلنى الآن من لزوم الحرف مهما قصُرَ أداؤه، مع التوصية لأى مجتهد ألا  يقف عند حدوده، حتى لا ينحبس به  فقط، وهو يستغرق فى الدوران حوله بلا طائل: يذهب إلى المعاجم فلا تسعفه إلا بما تيسر لها من حروف، فيتنقل بين الحروف تائها أو غافلا أو مخدوعا، وأحيانا يتصور أنه عرّف حرفا بحرف، أو أنه فك شفرته ببضع صفوف من الحروف تستجلى  أمره، لكن مهما طال الشرح وتواردت المترادفات، فإنه لا يتخطى موقع الرموز إلى حقيقة محيط الإدراك وحركية نبض الوعى

أما ما “فى الحرف” فربما كان  هو”المضمون”، وكأننا بذلك ننتقل من معنى الحرف وما كتبت عنه الحروف من حروف، إلى وظيفته بما يحوى لتحقيق ما يهدف إليه، لكن هذا أيضا لا يعين فى التوجه كدحا إلى معرفته.

وبرغم كل هذه الاستهانة، أو التهوين لدور الحرف ووظيفته، فقد وصلنى فى نفس الوقت، تنبيهك ألا نستغنى عنه، وهو بكل هذا النشاط والتحديد والجاهزية، وهل نحن نتخاطب إلا  بالحروف، ألم يقل لك أيضا:

وإنما خاطبت الحرف بلسان الحرف، فلا اللسان شهدنى  ولا  الحرف عرفنى

فقلت لمولانا:

لم يمنع عجز الحرف عن أن يعرفه، ولا عجز اللسان أن يشهده، أن نخاطب الحرف بلسان الحرف، هكذا يقوم الحرف بواجبه فى الخطاب، وعلينا الباقى.

خطاب الحرف بلسان الحرف هو بداية لازمة، لكن إذا كانت نهاية فهو القفل على القلوب، ولا بد أن نفتح تلك  الأقفال  إذا كان لنا أن نخرج إلى مبلغنا، فقد قال أيضا:

العارف يخرج مبلغه عن الحرف فهو مبلغه، وإن كانت الحروف سترة

بصراحة لم أدرك  كيف ذلك: أهى  سترة لازمة، أم سترة حاجبة، أم سترة واعدة

سامحنى يا مولاى فكل ذلك جائز وقد صالحتنى على الحرف، بقدر ما حذرتنى من التوقف عنده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *