الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب – نجيب محفوظ : ص 49 من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب – نجيب محفوظ : ص 49 من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

15-12-2011

السنة الخامسة

العدد: 1567

M_AFOUZ

ص 49 من الكراسة الأولى

15-12-2011بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

الرحمن‏ ‏علي‏ ‏العرش‏ ‏استوي

الحمد‏ ‏لله‏ ‏رب‏ ‏العالمين

الرحمن‏ ‏الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

 16 / 3 / 1995

 

القراءة:

لا يوجد جديد فى هذه الصفحة إلا الآية الكريمة “الرحمن على العرش استوى”، ولم يبق فى استعمال المنهج الحالى، أعنى إطلاق التداعيات بلا حرج أو التزام بحجم معين إلا هذه الصفحة، وصفحة 50 الأسبوع القادم، ونذكّر أصدقاء الموقع الذين يتابعوننا، بأننا سوف نعرض بعد ذلك ما تيسر من صفحات جملة فجملة (من خمسة إلى عشرة صفحات فى كل نشرة بصفة مبدئية) لانعقب إلا على الجديد مما جاء فيها مما لم يذكر من قبل، وأتوقع – والله أعلم – أن هذا لن يطول كثيرا، وربما ننتقل بعد ذلك إلى الدراسة الشاملة، وأنا غير متحمس لها، خاصة لأنه قد يغلب عليها منهج الجمع والطرح والعد وأنا لا أحبه، ومع ذلك فلننتظر لنرى”

نبدأ بالآية الكريمة “الرحمن على العرش استوى” هذه الآية، كثيرا ما قرأتها، ولم ألتفت أبدا إلى محاولة تفسيرها، فعندى أن الرحمن على العرش استوى، لا تعنى إلا أنه سبحانه وتعالى على العرش استوى، ألا يكفى ذلك؟ وأنا أقف عند صفة الرحمن وأحبها حبا شديدا وربما هذا هو الذى أغنانى عن التوقف عند بقية الآية ، وقد تصورت أن الأستاذ أيضا قد ائتنس برحمته تعالى، فلحق بهذه الآية مباشرة “الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم”، وهى بداية الفاتحة التى أفضنا فى علاقته بها، وفى نورها وإشراقاتها وخصوصية حضورها فى وعيى وغالبا فى وعى شيخى فى (نشرة 25- 2 – 2010 العدد: 909 صفحة 16) ، لكننى لم أتردد الآن فى الرجوع إلى ما تيسر لى من تفسير هذه الآية التى وردت جديدة اليوم، ربما وصلنى منه شىء مفيد.

كانت معظم التفاسير تؤكد أن استواء الله على العرش ليس مثل استواء الإنسان، ولا يصح أن نتصور ربنا سبحانه عما يصفون، كما نتصور إنسانا استوى على كرسى العرش، وهذا بديهى وطيب، لكن العجيب أن أفاجأ بأحد المفسرين يكفِّر أى مفسر آخر لمجرد أنه اختلف معه فى فهم كلمة (استوى) ولها خمسة عشرة معنى، فقد وجدت فى أحد التفاسير ما يلى بالحرف الواحد:

“يجِبُ أن يكونَ تفسيرُ هذه الآية بغيرِ الاستِقرارِ والجلوسِ ونحوِ ذلكَ ويَكفُر من يعتَقِدُ ذَلِكَ”

  ثم إن نفس المفسر راح يؤكد ما ذهب إليه بهذا الحكم الدامغ بالتكفير هكذا:

 الذى يعتقدُ أن معنى قولِ الله تعالى: “الرحمن على العرش استوى جَلَسَ أو استقرَ أو حاذَى العرشَ: يَكفُر.

بهذه الجرأة ، وهذه البساطة، وهذا الحسم يكفر مفسر “مفسراً” آخر، بل مفسرين آخرين لمجرد أن أحدهم فهم فهما غير ما فهمه فضيلة المفسر الأول، لا أعرف ماذا كان سيقول شيخى لو أننى قرأت له هذا التفسير وقضية التكفير هذه لم تهدد حياته فحسب، بل إنها ظلت تلاحقه حتى أيامنا هذه كما نتابع تصريحات المشتغلين بالانتخابات البرلمانية هذه الأيام، تعجبت كيف أن مثل هذه التجاوزات يمكن أن يتركها الأزهر، أو المنطق السليم حتى هكذا بهذه الصورة دون أن يتخذ فيها موقفا ويصدر فيها رأيا قاطعا حاسما، كيف يمكن أن نزعم أن لنا عقولا كرمنا الله بها ، ثم نترك من يشاء “يكفر من يعتقد فى غير رأيه” هكذا خبط لصق

أنا لم أتصور أصلا أن لله سبحانه وتعالى عرشا بالمعنى الذى تداوله هؤلاء الشراح، لأننى دائما أفرح، وأحيانا أفخر، بأنه سبحانه “ليس كمثله شىء”، وأنه “لم يكن له كفوا أحد” (وقد أشرت إلى ذلك فى إحدى تداعياتى فى نشرة سابقة (نشرة24-11-2011 العدد: 1546 ص 45 & 46) ، وكنت دائما أحذر من التفكير فى الله عز وجل بما يؤدى إلى “التعيين” أو “الإبعاد”، فهو القريب القريب الأقرب من حبل الوريد، وهو الممتد الذى وسع كرسيه السماوات والأرض، ولا يمكن أن يكون فى استوائه على العرش فى هذه الآية ما يتعارض مع هذا أو ذاك أصلا، وقد سبق أن ذكرت كيف أن الله سبحانه يُدرك ولا يُفهم ولا يُثبت ، والإدراك الذى أعنيه ليس بالمعنى اللغوى أى التمييز أو استعمال العقل ، ولكننى أعنى الإدراك بالمعنى العلمى الذى درسته والذى لم أجد له كلمة عربية مناسبة حيث أرى أن ترجمة كلمة perception إلى “الإدراك الحسى” هو تحديد خاطئ تماما، إن الإدراك الشمولى الذى قد يتم فى جزء من ثانية، هو حسى وغير حسى، وهو داخلى وخارجى معا، وهو الذى يغمرنى فيتأكد لى أنه ليس كمثله شىء، لأن التشبيه والتمثيل المفاهيمى هو من وظائف التفكير thinking وليست من طبيعة الإدراك  المباشر الفورى الكلى المتجدد الذى أعنيه

الرحمن على العرش استوى

لم أقرأ أبدا هذه الآية منفصلة عن ما قبلها:

 بسم الله الرحمن الحريم : طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى”

سبق أن  ذكرت ما وصلنى من أن القرآن الكريم “وعى خالص”، ولم أستطع أن أشرح ذلك أكثر من ذلك، لكننى أتبين الآن بعض معالم قد تفسر من بعيد ما يصلنى من القرآن الكريم، حين أقرأ “على العرش استوى” يصلنى معها دون أن أدرى “وسع كرسيه السموات والأرض”، ولا افكر بل أنتظر ما يتحرك به وعيى، وحين أقرأ: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى”  وهى الآية قبل السابقة لهذه الآية، أتذكر تلقائيا الآية الكريمة: “فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً” من هذا وذاك تصلنى فرحة غامرة!! ما كل هذا الود بين ربى ونبيه عليه الصلاة والسلام؟!

معظم ما وصلنى من حضور آيات القرآن الكريم فى تدريبات الأستاذ كان من هذا القبيل بشكل أو بآخر، أتصور الأمر هكذا: تحضر الآية بما هى كما هى، هى التى تحضر، وليس هو الذى يكتبها، تحضر فيكتبها، فتحل فى وعيه كما تشاء لما شاء رب العالمين، فتصلنى بنبضها ونورها وإشراقاتها وإيحاءاتها، فكيف والأمر كذلك وصلت إلى هذا الذى تصدى لتفسيرها بما سمح له أن يكفر كل من يخالف رأيه.

أظن أن انتشار مثل هذا التفكير، ومثل هذا الموقف هو مكسب لإسرائيل، وأمريكا، والعولمة الخبيثة المالية الكانيبالية.

 إن ما يمكن أن يحدثه فينا كل هذا الجمود الموت، هو أكثر خرابا لعقولنا ووجودنا من حرب العراق ومن الغطاء الجوى على ليبيا، ومن تهديد إيران.

آسف يا شيخى العزيز أنت تعرف كيف أنفعل من مثل ذلك، فخذ بيدى ربنا يخليك واذكرنى عند ربك لو سمحت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *