الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب – نجيب محفوظ : ص 40 من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب – نجيب محفوظ : ص 40 من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

20 – 10 – 2011

السنة الخامسة

العدد: 1511

 Mafouz & Yehia (1)

ص 40 من الكراسة الأولى

20-10-2011بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

بلادى‏ ‏بلادى‏ ‏لك‏ ‏حبي‏ ‏وفؤادي

علشان‏ ‏الشوك‏ ‏اللى‏ ‏فى‏ ‏الورد

‏                   ‏بحب‏ ‏الورد

من‏ ‏اد ايه‏ ‏كنا‏ ‏هنا‏

‏                 من‏ ‏كام‏ ‏يوم‏ ‏ولا سنة

أحب عيشة‏ ‏‏الحرية

نجيب‏ ‏محفوظ

‏ ‏مارس‏ 995‏

القراءة:

نشرة اليوم بعد البسملة واسمه واسم كريمتيه تبدأ بنشيد “بلادى بلادى” ثم هات يا أغانى الواحدة تلو الأخرى، شطر واحد أو مقطع واحد من كلِّ!!

 يبدو أنه من الآن فصاعدا سوف نطبق مبدأ الاكتفاء بالإشارة إلى ما سبق قراءته مما ورد فى صفحات تدريب سابقة، دون تعقيب جديد، إلا إن كان هناك جديدا فى السياق الكلى شكلا أو موضوعا كما ذكرنا وقد بدأنا فعلا تطبيق هذا المبدأ ولو جزئيا فى عدد من النشرات الأحدث التى سبقت هذه النشرات، ليس هكذا فحسب، وإنما أيضا قد نكتفى أيضا بالإشارة إلى ما جاء فى التداعيات إن كان كافيا.

مثلا:

 ورد فى تدريب اليوم نشيد “بلادى بلادى” وقد سبقت الإشارة إليه فى نشرة 7-7 2011 فى قراءتنا لصفحة 28 من كراسة التدريب رقم “1”، واستدرجتنا التداعيات إلى ذكر نبذة طويلة عن هذا النشيد ومؤلفه محمد يونس القاضى (1888 – 1969) فنكتفى الآن بالإحالة إلى ذلك مع أن النشيد لم يرد فى نص تدريب تلك الصفحة بل فى التداعيات فقط.

 بدأ تدريب محفوظ اليوم بهذا النشيد مثبتا البيت الأول بأكمله “بلادى بلادى لك حبى وفؤادى” لكن ربما الجديد هنا هو أنه ألحقه فورا بأغنية “علشان الشوك اللى فى الورد باحب الورد”

حب محفوظ لبلاده لا يحتاج إلى تنويه ، فعلا: لها حبه وفؤاده وحياته ووقته وإبداعه، فهل يا ترى حَضَرَهُ، ولو فى درجة أبعد من الوعى، ما آلت إيه حال بلاده بلادنا حتى أصبح هناك حديث عن “القوة الطاردة” التى تمارسها بلدنا تجاه أبنائها بدءا بالشباب حتى يفرون إلى حتفهم فيما يسمى الهجرة غير المشروعة ممتطين قوارب انتحارية تصورت أنها قد لا تصلح لتعديه النيل؟ وهل يا ترى يمكن أن نتصور – مع احتمال التعسف– أن حبه لبلاده حين حضره اليوم، حضر معه هذا الانفصال الخطر بينها وبين بنيها، بما يترتب عليه من هجر، وهجرة، وعتاب، وآلام، وأحيانا عدوان مرتد، وأن كل تلك هى أشواك الورد/ الحب؟ المفروض أن الأشواك تصد عن الورد، وأن يفتر الحب من استمرار الطرد، لكن حبنا لبلادنا، كما يعلمنا الأستاذ، لا تفسده أية صعوبات ولا تصدنا عنها أية أشواك، هذا هو محفوظ الذى ربما تحفزه الأشواك أكثر أن يحبها أكثر ليتحملها أكثر، فهل يا ترى حضرت هذه الأغنية تالية مباشرة لنشيد يقول: “لك حبى وفؤادى” لتقول لنا أن حبه-كما ينبغى أن يكون حبنا – لبلاده ليس حبا أعمى، لكن حب مسئول، على من يحبها أكثر أن يسهم فى تخفيف ما حل بها أقدر، فهو يحبها برغم أشواكها، ويحبها من أجل أشواكها، حتى يستطيع أن يقوم بواجب عونها على تخطى صعوباتها حتى لا تجرح أبناءها بأشواكها وتهملهم، لدرجة الطرد.

ربما

ترتيب ورود الأغانى يصلنى مُهِمًّا أحيانا

وقد أحاول أنا أن أرتبها كما فعلت فى نشرة 4-2-2010 صفحة التدريب 11 هكذا، وفسرت ذلك آنذاك بما عنّ لى، ويمكن الرجوع إليه وكان الترتيب هكذا:

  • سلمى ياسلامة
  • من قد إيه كنا هنا
  • أراك عصى الدمع ،
  • إمتى الهوى ….
  • خفيف الروح بيتعاجب

أما هنا، فى هذه الصفحة فقد جاء التدريب تلقائيا منه هكذا :

  • بلادى‏ ‏بلادى‏ ‏لك‏ ‏حبي‏ ‏وفؤادي
  • علشان‏ ‏الشوك‏ ‏اللى‏ ‏فى‏ ‏الورد ‏بحب‏ ‏الورد
  • من‏ ‏أد ايه‏ ‏كنا‏ ‏هنا‏
  • ‏من‏ ‏كام‏ ‏يوم‏ ‏ولا سنة
  • أحب عيشة‏ ‏‏الحرية

ياترى هل نستطيع أن نقول أن هذا الترتيب يوصى بتحمّل وخز الشوك الذى فى ورْد بلادنا، بل ربما يشير حتى إلى أن يكون نفس هذا الشوك هو دافع لحب بلادنا؟

 كل هذا التداعى لهذا الترتيب جعلنى أتصور أن الأغنية التالية قد قفزت إليه تذكرنا بالأيام الخوالى، (من أد إيه كنا هنا) فربما هبت عليه نسائم الحرية الأصلية قبل أن يمحوها من وعينا حكم العسكر ستين عاما. تلك الحرية التى يمثلها عنده سعد زغلول، وامتداده فى حزب الوفد الحقيقى التاريخى.

 هل يا ترى هو بذلك يترحم من خلال هذه الأغنية على أيام الحرية ويشتاق إليها بعد أن أعلن حبه لبلاده لدرجة ترحيبه بأشواكها؟

 عاش محفوظ – كما عشت لدرجة أقل – شيئا اسمه الحرية أو ربما وعداً حقيقيا بالحرية بشكل أو بآخر، كان ذلك منذ زمن يقِّدر بما يقدر به من أيام أو سنين ” من كام يوم ولا سنة” (أصل الأغنية: من شهر فات ولا سنة) ، فتهب عليه/علينا روائح الحرية فتحل أغنية “أحب عيشة الحرية” فى وعيه يختم بها تدريبه اليوم.

لكن هذه الحرية التى تصلنى من محمد عبد الوهاب وكلمات أحمد رامى تصلنى ناعمة حالمة، فأكاد أرفضها لأنها لا تمثل لى الحرية التى تصورت أن شيخى يحبها بكل زخمها ومسئوليتها وروعتها وحمل أمانتها، لا، عندك!! يبدو أننى أتكلم عن نفسى، إن ما يتغنى به عبد الوهاب بكلمات أحمد رامى، هو جميل رقيق أيضا، وبصراحة علىّ أن أعترف أن الأستاذ كان يحب عيشة الحرية بكل تجلياتها الرومانسية (مثل كلمات الأغنية)، وأيضا بكل روحها الإبداعية التى أتاحت له كل هذا العطاء إبداعا. الإبداع هو النتاج الطبيعى لحركية الوعى الحرة الهادفة المسئولة.

أقوم هذه الأيام بتحديث نقدى  لروايته المعجزة “حديث الصباح والمساء”، لأنشرها فى دوريته النقدية السنوية الرائعة، أكاد أجزم أنه لا يمكن أن يخرج هذا العمل إلا من مستويات وعىٍ مبدع حتى النخاع، وعى تحررت فيه كل المستويات المتضفّرة للوعى حتى استطاع أن يخرج هذه السيمفونية المتداخلة بكل هذا الإعجاز.

أما أغنية عبد الوهاب ورامى التى تقول

أحب عيشة الحرية زي الطيور بين الأغصان
مادام حبايبي حواليّ كل البلاد عندي أوطان
مطرح ما بيجي بعيني النوم انام وانا مرتاح البال
وأغيّر الحال يوم عن يوم ما دام أشوف قلبي ميّال
بحب عيشة الحرية
الحسن في الدنيا ألوان يحيي الفؤاد ويرد الروح
خفة ودلال وجمال فتّان ترضى هواك مطرح ما تروح
القمر ساعة ظهوره يحلى نوره يا حبايب
والفؤاد يزيد سروره كل ما يشوف اللي غايب
شوف النسيم في الروض ساري ينبّه الورد النعسان
أدي خيالي وأفكاري زي الطيور بين الأغصان
بحب عيشة الحرية

فهى أيضا من ضمن تجليات الحرية التى يرحب بها شيخنا، هذا المحيط السهل الممتنع، هو يستطيع أن يرحب بحرية الطيور بين الأغصَان، كما يقِدرُ أن يمتلك ناصية حركية حرية الإبداع القادر أن يفرز لنا حديث الصباح والمساء هكذا.

أنا لا أستطيع أن أستبعد طرب شيخى مع حرية أحمد رامى هذه، مع أنها لا تحضرنى من عبد الوهاب إلا ومعها “ما احلاها عيشة الفلاح”!!، وهى أغنية لا أستسيغها أيضا، خصوصا هذه الأيام!!

عذراً يا شيخى،

أنت الأجمل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *