الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب – نجيب محفوظ : الصفحة 39 الكراسة الأولى – فى المنهج: مراجعة وتصويب وتعلّم وعرفان

قراءة فى كراسات التدريب – نجيب محفوظ : الصفحة 39 الكراسة الأولى – فى المنهج: مراجعة وتصويب وتعلّم وعرفان

نشرة “الإنسان والتطور

13-10-2011

السنة الخامسة

العدد: 1504 

 Mafouz & Yehia (1)

فى المنهج:

مراجعة وتصويب وتعلّم وعرفان

ص 39 من الكراسة الأولى

13-10-2011Aبسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

قصر‏ ‏عليه‏ ‏تحية‏ ‏وسلام

نشرت‏ ‏عليه‏ ‏جمالها‏ ‏الايام

ايها‏ ‏القوم‏ ‏المخبون على الأرض ‏

فكما‏ ‏أنتم‏ ‏كنا‏      ‏وكما‏ ‏نحن‏ ‏نكون

نجيب‏ ‏محفوظ

‏ 7/3/1995‏

 

 

القراءة:

كنت أتصور أننى سوف اقابل هذه الملاحظات التى تحتاج إلى هذه المراجعة بعد فترة أطول من الآن، لكن الذى حدث من تكرار، واختلاف القراءة، وإعادة النظر، وضرورة المقارنة جاء أكثر تبكيرا من توقعى.

فى تدريب اليوم جاء شطر هذا البيت “قصر عليه تحية وسلام”، وكان قد جاء سابقا فى الصفحة رقم 12 فى تدريب نشرة: 11/2/2010 لكننى كنت قد قرأت أول كلمة فيه على أنها مصر أو محمد وليس قصر، وقد اضطررت أن أكتب تداعياتى آنذاك على هذا الأساس:

قبل أن أعرض مقتطفا لما ترتب على هذا الخطأ دعونى أعرض صورة للنص بخط يده ثم أعرض قراءتى السابقة لعلكم تعذرونى، ولا تفعلوا مثلما فعل صاحب الفضل فى التصحيح، الإبن “أحمد السيد” رئيس سكرتاريتى واعتبر أننى أخطأت.

ها كم النص (صفحة 12/تدريب) أولا.

صفحة (12)

13-10-2011Bنجيب‏ ‏محفوظ

   ……….

الله يهدى من يشاء

مصر عليك تحية وسلام

(أو : محمد عليه تحية وسلام)

(لم أتمكن من اختيار أيهما أصح)

صنت نفسى عما يدنس نفسى

 نجيب‏ ‏محفوظ

‏  6/2/1995

تعقيب الآن (11-10-2011)

بالله عليكم هل تُقرأ أول كلمة فى السطر الثانى من أسفل (غير التوقيع والتاريخ) إلا “مصر”، وعلى أضعف الاحتمالات “محمد” تقريبا وذلك حين قرأت “عليه” وليس “عليك”؟ ثم من أين لى أن أعرف أنه يعنى “قصر”، وليس “مصر” وهو لم يذكر البيت الثانى إلا بعد شهركامل من التدريب.

ولكن: رب ضارة نافعة،

  1. لعل هذا الخطأ يريكم الصعوبة التى ألقاها فى فك شفرة الخط، مع احتمال الخطأ، الذى ليس خطأً، كما لاحظتم.
  2. ولعله أيضا يظهر أن قراءة النص، لا يلزم الأستاذ بأنه قد عَنَى أى قدر مما وصلْت إليه تداعياتى فى القراءة من استلهام أو استطراد
  3. وكذلك فقد تفيد هذه المراجعة فى التنبية على قراءة النص أكثر من مرة، خاصة إذا ورد أكثر من مرة
  4. ثم إنه قد تتجمع هذه الملاحظات بعد انتهاء الدراسة التشريحية فيتبين لنا المنهج الذى اتبعته هذه الدراسة وبأثر رجعى
  5. وأخيرا فقد تفيدنا كل هذه المراجعات أولا بأول حين نصل إلى مرحلة الدراسة الشاملة إن كان لنا عمر (عدد صفحات التدريب : ألف صفحة تقريبا!!)

إعادة للقراءة القديمة (ص 12/تدريب)

أعلم يا شيخى أنك سامحتنى، أكثر مما فعل إبنى “أحمد السيد” سكرتيرى وصف هذا الخطأ هكذا: (وفُسِّرت بغير المعنى الأصلى)، وكأنى قرأتها “قصر” وفسرتها بـ مصر أو محمد، ومع ذلك فالشكر للإبن أحمد السيد صاحب الفضل.

ثم أبدأ القراءة اليوم بأن أورد محاولتى السابقة (مضافا إليها ما بين قوسين)– وأنا ما زلت معتزا بها – لمن يهمه الأمر:

الجملة الجديدة هنا هى “مصر، عليك تحية وسلام”، أو “محمد عليه تحية وسلام”، لست متأكدا، ويمكن للقارئ أن يفك شفرة خط يده بنفسه، وهو يتذكر أنه كثيرا ما يسقط منه آخر مقطع فى الكلمة.

 هذا التعبير “عليك تحية وسلام” كان منطلق بحثى، وقد وجدت أنه قيل فى حب الوطن”

وطنى عليك تحية وسلام

ما أشرقت شمس وجن ظلام

………………………

كما أن هذه العبارة، قد وردت أيضا بكثرة فى حب ومديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلا فى موشح “أقبل عليك تحية وسلام”:

أقبل عليك تحية وسلام

يا ساهراً والغافلون نيام

…..

هذه مجرد إشارة أستطيع أن أدخل منها إلى علاقة شيخى بكل من مصر، ومحمد صلى الله عليه وسلم…الخ

(انتهى المقتطف)

وبعد (مرة أخرى)

حين جاءت هذه الصفحة الآن: رقم 39، وتكرر ذكر نفس شطر البيت أضاف إليه الأستاذ بقية البيت

قصر‏ ‏عليه‏ ‏تحية‏ ‏وسلام

نشرت‏ ‏عليه‏ ‏جمالها‏ ‏الايام

فأعدت النظر حتى وجدت الأصل الذى ربما كان يعنيه من البداية فى “صفحة 12” ، فاختلف منطلقى حاليا حتى صار من هذين البيتين معاً هكذا:

“…هما بيتا شعر استهلاليان للشاعر أشجع بن عمر السَّلمى، وقد ضربوا بهذين البيتين المثل لبراعة الاستهلال، وأشْجَع بن عمروالسلَمي واحد من الشُّعراء الفحول الذين تلي مرتبتهم مرتبة الروّاد الأوائل مثل وأبي نواس ودعبل، وهو في نفس الوقت من هؤلاء الذين لم ينالوا حظًا وافرًا من عناية الدّارسين على الرّغم مما يحمله شعره من سمات أدبية أصيلة تمثِّل الفترة الزمنية التي عاشها أدقَّ تمثيل، بل إنَّ شعره كان إرهاصًا بما سوف يؤول إليه فنُّ الشعر في المرحلة العباسية من التزام اتجاهات بعينها ومدارس بذاتها”

ربما أطلت هذا الاستطراد حتى تتساءلوا معى كيف خطر على وعى الأستاذ – دون قصد كما اتفقنا – شعر هذا الشاعر الذى لم ينل حظا وافرا من عناية الدارسين، وإذا بشيخنا يرد له حقه ويعطيه شرف المثول فى وعيه، ثم فى تدريباته، ثم يتركه لنا لنتعلم منه ما يتسر

يتأكد هذا الوعى التاريخى الذى يظهر مصادفة بكل هذه التلقائية فيما جاء فى بقية الصفحة بعد هذين البيتين حيث جاء بيتان آخران كتبهما الأستاذ هكذا:

13-10-2011ايها‏ ‏القوم‏ ‏المخبون على الأرض ‏ ‏

فكما‏ ‏أنتم‏ ‏كنا‏      ‏وكما‏ ‏نحن‏ ‏نكون

 بصراحة قرأت “المخبون” لأول وهلة على أنها المجنون، ولم أستطع أن أقرأ كلمة الأرض أصلا، بل قرأتها مرة “والى مصر”، ومرة أخر “إلى مرض”، ربما ربطا بكلمة المجنون التى حلت فى استقبالى محل المُخِبّون، ثم  إن الكلمة الأخيرة بعد الأرض لم تظهر اصلا، فتوقفت،

ثم إنى – لجهلى- لم أربط بين البيتين وخاصة مع اختفاء الكلمة الأخيرة فى البيت الأول، وتصورت أنها قفزة من قفزات التدريب كما اعتدت، فأجَّلت القراءة حتى أرى حلا، واستعنت مرة أخرى برئيس سكرتاريتى – الإبن أحمد السيد – الذى بذل جهدا جيدا جدا حتى عثر على البيتين فى كتاب لابن عبد البر بعنوان جميل طريف هو: بهجة المجالس وأنس المُجالس وشحذ الذاهن والهاجس” ومؤلفه هو جمال الدين ابو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر….، وهو مصنف مع الادب العربي تاريخ العصر الاندلسى.

……..

وقد وجدنا ما يلى فى نفس هذا المصدر “بهجة المجالس وأنس المُجالس، لعبد البر.

“……. وقال ابن الكلبي، عن أبيه: خرج النعمان بن المنذر إلى الصيد، ومعه عدي بن زيد، فمر بشجرة، فقال له: أتدرى ما تقول هذه الشجرة؟ قال: لا. قال: تقول:

رب ركبٍ قد أناخوا عندنا … يشربون الخمر بالماء الزلال

عصف الدهر بهم فانقرضوا … وكذاك الدهر حالاً بعد حال

قال: ثم مر بمقبرة، فقال له عدى: أتدرى أيها الملك ما تقول هذه المقبرة؟ قال: لا. قال:

تقول:

أيها الركب المخبون … على الأرض المجدون

كما أنتم كنا …   …. وكما نحن تكونون

ومن كتاب “هواتف الجنان” لابن أبى الدنيا  (الفقرة 1/50) وجدت ما يلى:

حدثني أبو الحسن البصرى، حدثني سعيد بن حسان، قال: بينا ركب في فلاة من الأرض في ليلة ظلماء ووراءهم تحيط المقابر إذا هاتف يقول لهم:

أيها الركب المخبون …… وعلى الأرض مجدون

فكما أنتم كنا……  …….. وكما نحن تكونون

أنا أتعجب من هذا الرجل – شيخى -، وكيف حل هذا التراث هكذا بوعيه

ثم اسمحوا لى أن أعترف أننى تعجبت من لفظ المخبون، مع اعجابى به، ربما لوقعه دون أن أحدد معناه، وحين رجعت إلى “الوسيط” وجدت ما يلى: خبّ خبا، عدا، خبَّ الفرس نقل أيامنه وأياسره جميعا فى العدو، وفى الحديث: لا يدخل الجنة خبٌّ ولا خائن”،

وتذكرت الآية الكريمة: “وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً”. صدق الله العظيم

تحدثت سابقا عن علاقة شيخنا بالموت، وكيف أحبه كما أحب الحياة، ليس فقط فى آخر الأيام، لكن يبدو أنه تصالح معه بناءً على رؤية خاصة له تفسر وتبرر وترحب به (بالموت) باعتباره النقلة التى كتبت عنها مؤخرا فى هذه اليومية أكثر من مرة 2-6-2011  ، 9-6- 2011، 14-7-2011، آخرها فى بريد الجمعة الماضى7-10-2011 ،

فوصلنى حضور هذه البيت تذكرة بوعيه الجميل بالموت حافزا للحياة وهو محور من محاور نقدى لملحمة الحرافيش

ثم أكتفى بأن اختم تداعياتى اليوم بما يتعلق بهذين البيتين الذين تكرر معناهما من أكثر من شاعر وحكيم.

الختام:

يقول أبو العلاء المعرى

خففِ الوطء ما أظـُنُّ أديم الأرض

إلا من هذه الأجسادِ

ويقول عمر الخيام (ترجمة أحمد رامى)

خفف الوطء إن هذا الثرى

من أعينٍ ساحرةِ الاحورار

شكرا يا شيخنا

كما قلت دائما:

تعلمنا منك حيا، وها نحن نتعلم منك حيا أيضا حتى وأنت فى الناحية الأخرى

شكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *